يعتبر هذا المقياس من بين المقاييس التي يعوّل عليها في الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية والإنسانية، حيث يهتم بدراسة الإنسان من جميع الجوانب، سواء تعلق الأمر بالناحية النفسية، أو الاجتماعية أو الثقافية، أو الاقتصادية، أو السياسية، أو العقائدية، حسب طبيعة الموضوع ذاته، من خلال دراسة الإنسان أولا كظاهرة اجتماعية، إلى جانب دراسة بعض الظواهر الاجتماعية المحيطة بهذا الإنسان الذي يسير على قدمين، من أجل فهم ماضيه وحاضره.
- معلم: YAHI Fatima Zahra
لقد سعت الأنثروبولوجيا كإطار بحثي(نظري/حقلي)، إلى الاهتمام بدراسة الجوانب المختلفة التي تقوم عليها حياة الإنسان ضمن الحيز الجغرافي والاجتماعي الذي ينتمي إليه، حيث تمثلت هذه الجوانب في(بيولوجيا الإنسان، اجتماعية الإنسان والنسق الثقافي بما يتضمنه من عناصر مادية ومعنوية)، وبذلك تكون الأنثروبولوجيا السباقة في الإحاطة الشاملة بقضايا الإنسان المختلفة في سياقها اليومي المتزامن. فالأنثروبولوجيا تركز في إطار بحثها على دراسة عناصر مختلفة لعل أبرزها، مسألة الاختلاف بين الأفراد والجماعات داخل الفضاءات المختلفة وذلك من خلال التنقيب وبحث أسباب هذا الاختلاف ومظاهره على مستوى(الاجتماعي، النفسي والثقافي، الفردي والجماعي)، وذلك من أجل بناء نموذج توصيفي للإطار المعيشي لدى مجتمع من المجتمعات، كما تهتم ببحث أساليب وتقنيات التي يعتمد الأفراد والجماعات لتحقيق تكيف مع الظروف والأوضاع المتباينة داخل البيئة الجغرافية والاجتماعية، وفي سياق نفسه تهتم بدراسة أثر عملية التغير على البناء الاجتماعي لمجتمع معين وعلى هذا النحو فالأنثروبولوجيا هي الدراسة العلمية المتكاملة للإنسان" أي العلم الذي يهتم بدراسة الإنسان من حيث هو كائن عضوي حي، يعيش في مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية في ظل ثقافة معينة ويقوم بأعمال متعددة ويسلك سلوك محددا، وهو أيضا العلم الذي يدرس الحياة البدائية والحياة الحديثة المعاصرة، ويحاول التنبؤ بمستقبل الإنسان معتمدا على تطوره عبر التاريخ الإنساني الطويل ولذا يعتبر علم دراسة الإنسان(الأنثروبولوجيا)، علما متطورا يدرس الإنسان وسلوكه وأعماله."1
- معلم: CHEIKH ALI
اهتمت العلوم الاجتماعية ، الإنسانية و بعض العلوم الطبيعية بالإنسان كل حسب موضوعه الذي يحدد الجانب المدروس سيما العلوم الإنسانية و الاجتماعية من خلال مسارها لتشكيل نفسها كعلوم منفصلة عن الفلسفة، أما الأنثروبولوجيا فقد حاولت من البداية التطرق لجميع الجوانب التي تشكل حياة البشر - وإن كانت في انطلاقتها اهتمت بالمجتمعات التقليدية - سواء كانت فيزيائية بيولوجية كالجسد أو اجتماعية ثقافية كالممارسات والمعتقدات حيث سعت إلى بلورة معرفة علمية متكاملة حول الإنسان وأنماطه التفاعلية المختلفة فيبدو ذلك واضحا من خلال مختلف التعريفات التي أعطيت لها و لأهم المصطلحات المتداولة في حقلها المعرفية التي تعددت بتعدد الباحثين و المفكرين المشتغلين في ميدان الأنثروبولوجيا و تعدد المواضيع التي تطرقت لها إضافة إلى المراحل التي مرت بها و هي في هذا لا تختلف عن العلوم الأخرى بل عن الكل مفاهيم و مصطلحات العلوم الاجتماعية لما يميز هذه العلوم من خصائص تجعل الاقتصار على تعريف واحد اختزالا مرفوضا منهجيا لعل أهم هذه الخصائص كونها علوم نسبية .
يشكل تاريخ أي علم الإطار الذي نشأ فيه، أثر و تأثر به مما يجعل دراسته دون التطرق إلى هذا التاريخ منقوصا ومبتورا عن محيطه و مجاله الزماني و المكاني و هما عاملان محددان في مسيرة أي معرفة كما تشير إلا ذلك الابستمولوجيا و يتضح ذلك جليا من خلال تطرقنا لتاريخ الأنثروبولوجيا و الذي تحمل بصماته الى يومنا هذا.
كما أنه لا يكتمل التعريف بعلم إلا من خلال إدراك شبكة العلاقات التي تجمعه مع غيره من العلوم و هذا ينطبق على الأنثروبولوجيا أكثر من غيرها كونها تستمد و تحتاج إلى معارف التخصصات الأخرى من أجل مقاربة مختلف جوانب الإنسان لتدرسها وهو ما يستدعى التطرق لعلاقتها بالعلوم الأخرى سواء الطبيعية منها أو الإنسانية و بما أن الجانب المعرفي لعلم ما يتجسد في النظريات ، المدارس و الاتجاهات التي عرفها فكانت القالب التي صيغت فيه دراساته و أفكار رواده و باحثيه فإن التيارات الفكرية التي عرفتها الأنثروبولوجيا تقدم لنا عرضا عن الأطر الفكرية التي نتج عنه التراكم المعرفي في هذا الميدان و هو ما سنتطرق له .
- معلم: HOCINI FATIMA