اتساع استخدامات مفهوم الحوكمة في مستويات متعددة و لأغراض متنوعة سواء بهدف زيادة النمو الاقتصادي أو تحقيق التنمية الاجتماعية، وحتى ضبط مكانيزمات العملية السياسية مثل كيفية اتخاذ القرار السياسي، أو على مستوى الشركات و المؤسسات من إخلال إجراءات تنظيمية و هيكلية، انعكس على دقة المفهوم و أدى إلى نوع من الفظاظة في المفهوم، عشرات التعريفات للحوكمة سواء في أدبيات المؤسسات التنموية و المالية العالمية والإقليمية أو الأدبيات الأكاديمية بالاعتماد على عناصر مختلفة للتعريف بالحوكمة، حتم التوجه نحو تحديد مستويات للحوكمة و معاير لقياسها بهدف التوصل لدقة المفهوم و تجاوز الاختلاف.

مفهوم الحكم الراشد governance

1)ايتيمولوجيا* مصطلح الحكم الراشد:                                                                                                                                                                    

   الاشتقاق اللغوي لمصطلح governance في جذره للغوي الاتيني نابع من الفعل اليوناني kubernàn  "قيادة سفينة" استخدم لأول مرة بطريقة مجازية من قبل الفيلسوف أفلاطون للدلالة على طريقة "حكم البشر".                                                                                                                                                                          

English : govern , government, governance.

Français : gouverner, gouvernement, gouvernance.[1]



*  الإيتمولوجيا (etymology) علم يعنى بالبحث في أصل الكلمات.

[1] ) robert joumard,ibid. p9


   تلازمت أحداثا تاريخية و تغيرات هيكلية طرأت على البناء الاقتصادي و السياسي على المستوى العالمي و الوطني في سنوات الثمانينيات و بداية التسعينيات من القرن الماضي، فرضت معطيات اقتصادية و سياسية رسمت ملامح عالم ما بعد الحرب الباردة، يقوم على مبادئ اقتصاد السوق ( الملكية الفردية، حرية السوق) في تسير الشؤون الاقتصادية، و الديمقراطية ( التعددية الحزبية، فعالية المجتمع المدني....) نهجا سياسيا، و أفرزت  أدبيات أكاديمية تمزج بين هذه المبادئ يتقدمها مفهوم الحكم الراشد النموذج الذي روجت له المؤسسات المالية و التنموية العالمية (البنك الدولي، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)[1] كمشروع و برنامج وليد انتصار المعسكر الغربي، و كاختيار ناجع لتحقيق التنمية في الدول النامية أسس وفق معاير الدول المتقدمة، و تمثلت أهم الدوافع التي عجلت في بروز مفهوم الحكم الراشد كسبيل لتسيير الشؤون العامة  و التنمية



[1])البنك الدولي: مؤسسة مالية دولية تمنح القروض تنموية للدول الأعضاء البالغ عددها 189 تم تأسيسها 1944 وفق اتفاقية bretton woods

  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:تأسس سنة 1965 بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو جهاز فرعي تابع لأمم المتحدة معني بقضية التنمية    الشاملة للدول النامية.