مقدمة: المسؤولية المدنية نظام قانوني يلتزم بمقتضاه كل من ارتكب خطأ أو عملا غير مشروع بتعويض من أضر به في نفسه أو ماله، و هذا يستلزم أن الفعل الضار هو الذي ينشئ الرابطة القانونية بين المسؤول والمضرور، وهو يفرض الالتزام بتعويض ما سببه للغير من ضرر وهذا على أساس القواعد العامة للمسؤولية، وهناك آراء مختلفة عبرت عما إذا كان ينبغي الأخذ أو عدم الأخذ بتعريف واسع النطاق للضرر، شاملا ليس فقط الضرر للتنوع البيولوجي بل أيضا الجوانب الأخرى مثل الخسارة الاقتصادية، الضرر بالصحة البشرية والضرر الاجتماعي الاقتصادي. وتم تبيين أن الضرر بحفظ التنوع البيولوجي واستعماله المستدام يصعب إلى أقصى حد إمكانية تحديد كميته، فإيجاد عتبة للضرر قد يكون أمرا لازما.
1- أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية: بالرجوع إلى نصوص القانون المدني الجزائري، فإننا لا نجد قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون البيئة 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة الجزائري، ولا القوانين الخاصة الأخرى، ولهذا لابد من الرجوع للقواعد العامة للمسؤولية المدنية في القانون المدني. الملاحظ أن نظرية الحق في القانون المدني، وخصوصا فيما يتعلق بالحقوق المالية، لا تثبت إلا للشخص الطبيعي أو المعنوي، وبالتالي فإن الأشجار والحيوانات والكائنات الحية وغيرها من الأجناس طبقا للقانون المدني ليس لها شخصية قانونية تجعلها صاحبة حق، ولو افترضنا وجود هذا الحق، فإنها لا تستطيع ممارسته من خلال رفع الدعوى والمطالبة بحماية القضاء.
أمام هذه الإشكالية، لجأ المشرع الجزائري بمقتضى قانون 03/10 إلى السماح للجمعيات المعتمدة قانونا برفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة، حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام، كما يمكن للأشخاص الطبيعيين المتضررين تفويض هذه الجمعيات من أجل أن ترفع باسمهم دعوى التعويض،كما هو مبين في نص المواد 35،36،37،38 من القانون 03/10
كما خول المرسوم التنفيذي 98/276 مفتشي البيئة للولايات تمثيل الإدارة المكلفة بالبيئة أمام العدالة، بحيث سمح لهم برفع الدعاوى القضائية دون أن يكون لهم تفويض خاص بذلك. لكن تبقى الإشكالية المطروحة في تحديد أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، ذلك أن تحديده يكتسي أهمية بالغة، فإلى جانب الأشكال المتعارف عليها في مجال المسؤولية المدنية، وأمام استفحال الأضرار البيئية واتخاذها لأشكال جديدة لم تكن لتعرف من قبل، ولصعوبة تحديد المتضرر المباشر من الانتهاكات البيئية، وقع جدل فقهي حول أساس هذه المسؤولية.
وهناك جانب من الفقه نادى بتطبيق النظرية التقليدية للمسؤولية المدنية، والتي يكون فيها الخطأ هو قوام المسؤولية التقصيرية، ويتمثل هذا الخطأ في الإخلال بالتزام قانوني مقرر بمقتضى القوانين واللوائح، والخطأ يكون أيضا قوام المسؤولية العقدية على أساس أنه إخلال بالتزام تعاقدي .
إلا أن ظاهرة تلوث البيئة والأشكال المختلفة التي يتم بها هذا التلوث، حالت دون تطبيق المبادئ التقليدية للمسؤولية المدنية في الصور المعروفة، مما دفع بالفقه إلى إقرار بعدم كفاية تقنيات المسؤولية التقصيرية في شكلها التقليدي، و ضرورة الخروج عنها في بعض الأحيان أو البحث عن سبل تطوير أحكامها وقواعدها بما يضمن مواجهة فعالة في مجال حماية البيئة. وكنتيجة لذلك تم الاعتماد على نظرية الالتزام بحسن الجوار أو تحمل الأضرار المألوفة للجوار، وكذا نظرية عدم التعسف في استعمال الحق.
إن نفس الاعتبارات أدت إلى تطبيق تقنيات قانونية أخرى لترتيب المسؤولية في مجال حماية البيئة، منها على سبيل المثال: المسؤولية عن فعل الغير، والمسؤولية عن فعل الأشياء والمسؤولية عن الأنشطة الخطرة وهي جميعها تقوم على أساس و جود مسؤولية مفترضة بحكم القانون .
إن صعوبة تقرير المسؤولية في مجال حماية البيئة لم تظهر على الصعيد الداخلي فقط، بل ظهرت أيضا على الصعيد الدولي، حيث حرصت الاتفاقيات الدولية المختلفة، مثل اتفاقية بروكسل 1962 المنظمة للمسؤولية المدنية لمستخدمي" السفن الذرية"على الابتعاد عن الخطأ كأساس لترتيب المسؤولية، وأكدت أن الكوارث الطبيعية ليست سببا للإعفاء من مسؤولية التلوث البيئي، واقتصرت بالقول أن المسؤولية في هذه الحالة تكون "مسؤولية قضائية" بالنظر لصعوبة وضع تعريف جامع للتلوث، وقد سار الاتجاه إلى وضع تعريف للتلوث لا يأخذ بعين الاعتبار خطأ الإنسان أو نشاطه، فيعد التلوث كل ما من شأنه أن ينال من التوازن البيئي حتى وإن لم يكن بإرادة الإنسان أو بخطئه، وفي نفس السياق سار الاتجاه على اعتبار الضرر البيئي الحال والمستقبلي كذلك موجبا للتعويض.
فالمسؤولية بشكل عام هي متابعة شخص عن فعل قام به سبب ضررا للغير، سواء أكان هذا الفعل إيجابيا أو سلبيا (أي القيام بالفعل أو الامتناع عنه). والمسؤولية تكون متبوعة بعقاب، قد يكون أدبيا (معنويا) أو ماديا (السجن أو الغرامة المالية) و هذا حسب نوع المسؤولية و خطورة الفعل المرتكب.
أقسام المسؤولية: يمكن تقسيم المسؤولية بشكل عام إلى قسمين أساسين هما: المسؤولية الأخلاقية (الأدبية) و المسؤولية القانونية، و هذه الأخيرة تنقسم كذلك إلى عدة أقسام منها: المسؤولية الجنائية، المسؤولية الإدارية، المسؤولية المدنية التي تنقسم بدورها أيضا إلى: مسؤولية عقدية، ومسؤولية تقصيرية، وقد حصرها المشرع الجزائري في المواد من 120 إلى 140 من القانون المدني الجزائري تحت عنوان "العمل المستحق للتعويض". ومن المعلوم أن الأحكام العامة للمسؤولية المدنية أصبحت مستقرة في الأنظمة القانونية وبالتالي فإن العمل بها سهل، ولكن ليس كذلك في مجال المسؤولية عن الضرر البيئي؛ وذلك راجع لحداثة المشكلات المثارة التي تخرج عن إطار القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية، التي يقصد بها تلك القواعد القائمة فعلا والتي لم تتقرر بصفة خاصة لتعويض الأضرار البيئية؛ وبعبارة أخرى هي قواعد المسؤولية التقصيرية كما تقررها المبادئ العامة سواء المسؤولية عن العمل غير المشروع أو عن حراسة الأشياء أو عن مضار الجوار هذا أولا، وثانيا قواعد المسؤولية العقدية متى كان المسؤول والمضرور مرتبطان بعلاقة عقدية ويقع الضرر بمناسبة تنفيذ العقد؛ وبالتالي لدينا مسؤولية بيئية تقصيرية ومسؤولية بيئية عقدية.
أولا: المسؤولية المدنية التقصيرية: وهي تمثل الوضع العادي للمسؤولية عن الإضرار البيئية بوجه عام، سواء تعلق الأمر بتدهور البيئة، النفايات أو التلوث بأنواعه المختلفة، سواء الجوي أو المائي أو الضوضائي... حيث لا تقوم بين المسؤول والمضرور علاقة عقدية وهنا تبرز حقيقتان:
الحقيقة الأولى: يكون تحت تصرف المضرور بيئيا إمكانات متعددة لتأسيس المسؤولية المدنية في مواجهة محدث الضرر، والواقع أن القانون يقدم للمضرور أكثر من وسيلة لتأسيس المسؤولية المدنية ويختار من بينها ما يشبع حاجاته في إطار المسؤولية المدنية عن الخطأ واجب الإثبات أو مسؤولية حارس الأشياء.
الحقيقة الثانية: يصطدم هذا المضرور بعقبات شديدة في سبيل إعمال هذه المسؤولية؛ حيث أن المفاهيم التقليدية للمسؤولية بخصوص الخطأ والضرر ورابطة السببية والشخص المسؤول غير مناسبة للسيطرة على الأوضاع المتتابعة لتدهور البيئة.
- معلم: بلفــضل مــــــحمد
مقدمة: المسؤولية المدنية نظام قانوني يلتزم بمقتضاه كل من ارتكب خطأ أو عملا غير مشروع بتعويض من أضر به في نفسه أو ماله، و هذا يستلزم أن الفعل الضار هو الذي ينشئ الرابطة القانونية بين المسؤول والمضرور، وهو يفرض الالتزام بتعويض ما سببه للغير من ضرر وهذا على أساس القواعد العامة للمسؤولية، وهناك آراء مختلفة عبرت عما إذا كان ينبغي الأخذ أو عدم الأخذ بتعريف واسع النطاق للضرر، شاملا ليس فقط الضرر للتنوع البيولوجي بل أيضا الجوانب الأخرى مثل الخسارة الاقتصادية، الضرر بالصحة البشرية والضرر الاجتماعي الاقتصادي. وتم تبيين أن الضرر بحفظ التنوع البيولوجي واستعماله المستدام يصعب إلى أقصى حد إمكانية تحديد كميته، فإيجاد عتبة للضرر قد يكون أمرا لازما.
1- أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية: بالرجوع إلى نصوص القانون المدني الجزائري، فإننا لا نجد قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون البيئة 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة الجزائري، ولا القوانين الخاصة الأخرى، ولهذا لابد من الرجوع للقواعد العامة للمسؤولية المدنية في القانون المدني. الملاحظ أن نظرية الحق في القانون المدني، وخصوصا فيما يتعلق بالحقوق المالية، لا تثبت إلا للشخص الطبيعي أو المعنوي، وبالتالي فإن الأشجار والحيوانات والكائنات الحية وغيرها من الأجناس طبقا للقانون المدني ليس لها شخصية قانونية تجعلها صاحبة حق، ولو افترضنا وجود هذا الحق، فإنها لا تستطيع ممارسته من خلال رفع الدعوى والمطالبة بحماية القضاء.
أمام هذه الإشكالية، لجأ المشرع الجزائري بمقتضى قانون 03/10 إلى السماح للجمعيات المعتمدة قانونا برفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة، حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام، كما يمكن للأشخاص الطبيعيين المتضررين تفويض هذه الجمعيات من أجل أن ترفع باسمهم دعوى التعويض،كما هو مبين في نص المواد 35،36،37،38 من القانون 03/10
كما خول المرسوم التنفيذي 98/276 مفتشي البيئة للولايات تمثيل الإدارة المكلفة بالبيئة أمام العدالة، بحيث سمح لهم برفع الدعاوى القضائية دون أن يكون لهم تفويض خاص بذلك. لكن تبقى الإشكالية المطروحة في تحديد أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، ذلك أن تحديده يكتسي أهمية بالغة، فإلى جانب الأشكال المتعارف عليها في مجال المسؤولية المدنية، وأمام استفحال الأضرار البيئية واتخاذها لأشكال جديدة لم تكن لتعرف من قبل، ولصعوبة تحديد المتضرر المباشر من الانتهاكات البيئية، وقع جدل فقهي حول أساس هذه المسؤولية.
وهناك جانب من الفقه نادى بتطبيق النظرية التقليدية للمسؤولية المدنية، والتي يكون فيها الخطأ هو قوام المسؤولية التقصيرية، ويتمثل هذا الخطأ في الإخلال بالتزام قانوني مقرر بمقتضى القوانين واللوائح، والخطأ يكون أيضا قوام المسؤولية العقدية على أساس أنه إخلال بالتزام تعاقدي .
إلا أن ظاهرة تلوث البيئة والأشكال المختلفة التي يتم بها هذا التلوث، حالت دون تطبيق المبادئ التقليدية للمسؤولية المدنية في الصور المعروفة، مما دفع بالفقه إلى إقرار بعدم كفاية تقنيات المسؤولية التقصيرية في شكلها التقليدي، و ضرورة الخروج عنها في بعض الأحيان أو البحث عن سبل تطوير أحكامها وقواعدها بما يضمن مواجهة فعالة في مجال حماية البيئة. وكنتيجة لذلك تم الاعتماد على نظرية الالتزام بحسن الجوار أو تحمل الأضرار المألوفة للجوار، وكذا نظرية عدم التعسف في استعمال الحق.
إن نفس الاعتبارات أدت إلى تطبيق تقنيات قانونية أخرى لترتيب المسؤولية في مجال حماية البيئة، منها على سبيل المثال: المسؤولية عن فعل الغير، والمسؤولية عن فعل الأشياء والمسؤولية عن الأنشطة الخطرة وهي جميعها تقوم على أساس و جود مسؤولية مفترضة بحكم القانون .
إن صعوبة تقرير المسؤولية في مجال حماية البيئة لم تظهر على الصعيد الداخلي فقط، بل ظهرت أيضا على الصعيد الدولي، حيث حرصت الاتفاقيات الدولية المختلفة، مثل اتفاقية بروكسل 1962 المنظمة للمسؤولية المدنية لمستخدمي" السفن الذرية"على الابتعاد عن الخطأ كأساس لترتيب المسؤولية، وأكدت أن الكوارث الطبيعية ليست سببا للإعفاء من مسؤولية التلوث البيئي، واقتصرت بالقول أن المسؤولية في هذه الحالة تكون "مسؤولية قضائية" بالنظر لصعوبة وضع تعريف جامع للتلوث، وقد سار الاتجاه إلى وضع تعريف للتلوث لا يأخذ بعين الاعتبار خطأ الإنسان أو نشاطه، فيعد التلوث كل ما من شأنه أن ينال من التوازن البيئي حتى وإن لم يكن بإرادة الإنسان أو بخطئه، وفي نفس السياق سار الاتجاه على اعتبار الضرر البيئي الحال والمستقبلي كذلك موجبا للتعويض.
فالمسؤولية بشكل عام هي متابعة شخص عن فعل قام به سبب ضررا للغير، سواء أكان هذا الفعل إيجابيا أو سلبيا (أي القيام بالفعل أو الامتناع عنه). والمسؤولية تكون متبوعة بعقاب، قد يكون أدبيا (معنويا) أو ماديا (السجن أو الغرامة المالية) و هذا حسب نوع المسؤولية و خطورة الفعل المرتكب.
أقسام المسؤولية: يمكن تقسيم المسؤولية بشكل عام إلى قسمين أساسين هما: المسؤولية الأخلاقية (الأدبية) و المسؤولية القانونية، و هذه الأخيرة تنقسم كذلك إلى عدة أقسام منها: المسؤولية الجنائية، المسؤولية الإدارية، المسؤولية المدنية التي تنقسم بدورها أيضا إلى: مسؤولية عقدية، ومسؤولية تقصيرية، وقد حصرها المشرع الجزائري في المواد من 120 إلى 140 من القانون المدني الجزائري تحت عنوان "العمل المستحق للتعويض". ومن المعلوم أن الأحكام العامة للمسؤولية المدنية أصبحت مستقرة في الأنظمة القانونية وبالتالي فإن العمل بها سهل، ولكن ليس كذلك في مجال المسؤولية عن الضرر البيئي؛ وذلك راجع لحداثة المشكلات المثارة التي تخرج عن إطار القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية، التي يقصد بها تلك القواعد القائمة فعلا والتي لم تتقرر بصفة خاصة لتعويض الأضرار البيئية؛ وبعبارة أخرى هي قواعد المسؤولية التقصيرية كما تقررها المبادئ العامة سواء المسؤولية عن العمل غير المشروع أو عن حراسة الأشياء أو عن مضار الجوار هذا أولا، وثانيا قواعد المسؤولية العقدية متى كان المسؤول والمضرور مرتبطان بعلاقة عقدية ويقع الضرر بمناسبة تنفيذ العقد؛ وبالتالي لدينا مسؤولية بيئية تقصيرية ومسؤولية بيئية عقدية.
أولا: المسؤولية المدنية التقصيرية: وهي تمثل الوضع العادي للمسؤولية عن الإضرار البيئية بوجه عام، سواء تعلق الأمر بتدهور البيئة، النفايات أو التلوث بأنواعه المختلفة، سواء الجوي أو المائي أو الضوضائي... حيث لا تقوم بين المسؤول والمضرور علاقة عقدية وهنا تبرز حقيقتان:
الحقيقة الأولى: يكون تحت تصرف المضرور بيئيا إمكانات متعددة لتأسيس المسؤولية المدنية في مواجهة محدث الضرر، والواقع أن القانون يقدم للمضرور أكثر من وسيلة لتأسيس المسؤولية المدنية ويختار من بينها ما يشبع حاجاته في إطار المسؤولية المدنية عن الخطأ واجب الإثبات أو مسؤولية حارس الأشياء.
الحقيقة الثانية: يصطدم هذا المضرور بعقبات شديدة في سبيل إعمال هذه المسؤولية؛ حيث أن المفاهيم التقليدية للمسؤولية بخصوص الخطأ والضرر ورابطة السببية والشخص المسؤول غير مناسبة للسيطرة على الأوضاع المتتابعة لتدهور البيئة.
- معلم: بلفــضل مــــــحمد
الأسس المختلفة للمسؤولية المدنية: عندما يدعي شخص ما بأنه تضرر بيئيا في شخصه أو في ماله بسبب تدهور بيئته بسبب نفايات ضارة منتجة، مخزنة، منقولة أو يستعملها آخرون تضع القواعد التقليدية تحت تصرفه مجموعة من الوسائل للرجوع على محدث الضرر، بعضها يستلزم الإثبات للخطأ والأخرى تعفيه منه.
أ: المسؤولية على أساس الخطأ واجب الإثبات: يقدر الفقه الفرنسي أن المادتين 1382 و 1385 من التقنين المدني من الممكن أن يتزايد دورهما وهما قابلتان للتطبيق في مجال الأضرار البيئية
Article 1382:Créé par Loi 1804-02-09 promulguée le 19 février 1804 ":Tout fait quelconque de l'homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute duquel il est arrivé à le réparer."
Article 1385:Créé par Loi 1804-02-09 promulguée le 19 février 1804":Le propriétaire d'un animal, ou celui qui s'en sert, pendant qu'il est à son usage, est responsable du dommage que l'animal a causé, soit que l'animal fût sous sa garde, soit qu'il fût égaré ou échappé."
ويردون ذلك إلى تعدد النصوص الخاصة الواردة ضمن أنظمة جديدة ومتعددة تفرض التزامات محددة بهدف حماية البيئة، مثل تلك التي تقع على عاتق منتجي وحائزي النفايات والتي من شأنها أن تجعل هؤلاء الآخرين في مركز المخطئين أكثر من ذي قبل، ويستشهدون في هذا الصدد بالعبارات الصارمة التي وردت في المادة 2 من القانون المتعلق باستبعاد النفايات (loi 75/633 journal officiel France du 15/07/1975 ) فهذا القانون يشير أن كل شخص ينتج أو يحوز نفايات في ظروف من شأنها أن تولد آثارا ضارة بالأرض، الحيوان، النبات، تؤدي إلى تدهور الموقع، المزارع، تلوث الهواء، تلوث الماء، تولد ضوضاء، روائح أو بطريقة عامة أن تحدث ضررا لصحة الإنسان والبيئة يكون ملزما بأن يكفل له أو يؤمن له استبعادها طبقا لنصوص القانون الحالي، و في ظروف من شأنها تجنب مثل هذه الآثار. وبالتالي فإن عدم احترام هذا الالتزام يشكل بدون شك خطأ حسب ما ورد في المادة 2 من ذات القانون الفرنسي75/633.
وفي نفس النص ورد نفس الأمر بالنسبة لمخالفة نصوص قانون 29/7 المتعلق بالمنشآت المقامة على البيئة والذي لا ينطبق فقط على كل المؤسسات المنتجة للنفايات وإنما يمتد للمنشآت المتخصصة في إبعاد النفايات من أي طبيعة كانت و أيا كان المستغل. وهذا الجزء الأخير من عبارة النص ليس متشابها تماما مع النص السابق وان كان قريبا من مفهوم الخطأ وهو م يطلق عليه "وسيلة عنيفة" بالنسبة للبيئة حيث قررت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 9/1/1974 أن إحدى البلديات تكون قد ارتكبت وسيلة عنيفة؛ وذلك بإيداعها بدون وجه حق نفايات في ملكية خاصة.
والواقع أنه فيما خلا بعض التشريعات الخاصة في بعض الدول في عدد من الدول الأوربية فإنه بوجه عام يتم تقدير المسؤولية عن الاضرار البيئية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على أساس الخطأ.
أما في القانون المدني الجزائري فإن المادة 124 تنطبق على الأضرار البيئية متى أثبت المضرور خطأ محدث الضرر، وهنا أيضا تزيد فرص إثبات الخطأ وما لحقه من ضرر. وبالنظر للنصوص التشريعية الخاصة التي أنشأت التزامات قانونية محددة بالنسبة لمن يمارسون نشاطات قد تسبب ضررا، وفي مقدمة هذه القوانين نجد القانون البيئي 03/10 في فصله السادس في المواد من 35 إلى 38، وكذلك القانون 04/02 المؤرخ في 25/12/2004 المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة (ج.ر عدد 84 الصادر في 29/12/2004) في المادة 67 والتي أحالت على التشريع بشروط التعويض عن الأضرار اللاحقة بضحايا الكوارث جراء الاخطار التي عددتها المادة الثالثة من ذات القانون.
يضاف إلى ذلك الاتفاقيات التي انضمت اليها الجزائر مثل اتفاقية المسؤولية المدنية المتعلقة بالتعويضات عن التلوث بالمحروقات ببروكسل 29/11/1969 والصندوق الدولي للتعويض عن التلوث البحري بالزيت ببروكسل 18/12/1971
والثابت أن هذه النصوص تهدف إلى حماية البيئة، ومخالفة أحد هذه الالتزامات يعد خطأ يستوجب المسؤولية. ويوجد رؤية للفقيه gilles martin يرى فيها أنه يوجد مزايا متعددة في رجوع المضرور على المسؤول بمقتضى المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية المؤسسة على الخطأ، فعندما يثبت الخطأ من جانب المسؤول لا يكون على المضرور أن يبرهن على أن الضرر الذي أصابه ضرر غير عادي. على عكس الحال في مجال مضار الجوار غير المألوفة خاصة و أن موقف القضاء ليس واضحا في تحديد هذه المضار.
كما أنه متى ثبت خطأ المسؤول سيكون الأمر سهلا على القاضي لاعتبار ما حدث من تجاوز أن المخالفة قد وقعت. فضلا عن ذلك، فإن اثبات الخطأ يسمح للمضرور بالمطالبة بوقف النشاط غير المشروع والتعويض عما لحقه من ضرر، الأمر الذي يعد جوهريا في مجال الأضرار البيئية.
وبالرغم من هذه المزايا التي توفرها المسؤولية المدنية المؤسسة على الخطأ للمضرور إلا أنها تظل غير مفضلة أو أقل تفضيلا من قبل المضرورين، خاصة في مجال البيئة حيث يفضلون المسؤولية التي لا تستوجب إثبات الخطأ أي المسؤولية الموضوعية.
ب- المسؤولية المدنية الشيئية: يشير جانب من الفقه الفرنسي أيضا إلى إمكانية اللجوء إلى المسؤولية الشيئية في مجال الأضرار البيئية وفقا للمادة 1384/1 من القانون المدني خاصة بالنسبة لأضرار النفايات السامة الموصوفة بالخطرة وكثيرا ما توصف بأنها أشياء.
Article 1384/1 :On est responsable non seulement du dommage que l'on cause par son propre fait, mais encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses que l'on a sous sa garde.
والمهم هنا أن المضرور سوف يجد ميزة حقيقية تتمثل في إعفائه من إثبات خطأ المسؤول عن الشيء، وفي القانون الجزائري نعتقد أن ذلك ممكن تماما حيث يجوز تطبيق المادة 138 من القانون المدني الخاصة بمسؤولية حارس الشيء الذي له قدرة الاستعمال والتسيير والرقابة حيث يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء؛ حيث أن المسؤولية عن الأشياء تحتاج إلى عناية خاصة على كثير من مصادر الأضرار البيئية التي تسبب تدهورا أو تلوثا للعناصر البيئية المختلفة. إذن يمكن للمضرورين التمسك بمسؤولية حارس الأشياء التي تحتاج حراستها عناية خاصة طبقا للمادة 138 من القانون المدني الجزائري من أجلب المطالبة بالتعويض الكامل عن الأضرار التي لحقت بهم دون أن يكلفوا بإثبات خطأ المسؤول حيث أن هذا النوع من المسؤولية يعفيهم من الإثبات.
صعوبة تطبيق المسؤولية المدنية التقصيرية في حماية البيئة: إن ما سبق يمثل محاولة لتطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية على الأضرار البيئية التي استحدثتها الصناعات والتكنولوجيات الحديثة، ورغم ان هذه القواعد تمثل الثوابت الرئيسة للنظم القانونية اللازمة لمواجهة المخاطر البيئية، إلا أن صعوبات حقيقية تواجهها وتعترض إعمالها وتتمثل هذه الصعوبات في:
1- المسائل التي تطرحها علاقة السببية: يثبت لنا الواقع أن الضرر البيئي ضرر غير مباشر، الأمر الذي يخلق صعوبة حقيقية لإثبات وجود رابطة سببية مباشرة بين النشاط القائم والضرر الحادث. فعندما يتعلق الأمر بأضرار حديثة بسبب انبعاث أدخنة أو غازات؛ فإن إثبات وجود رابطة سببية بين النشاط والضرر الذي لحق بالبيئة تكتنفها صعوبات جدية، ولعل ذلك هو السبب الرئيس لقلة دعاوى المسؤولية عن هذه الأضرار أمام القضاء. وترجع الصعوبات إلى أسباب متعددة أهمها عدم المعرفة الدقيقة بالآثار السامة والضارة لبعض المواد، فضلا على أنه يساهم في إحداث الضرر البيئي أكثر من عامل واحد في ذات الوقت، إضافة الى اتساع مجال الأضرار البيئية في الزمان و المكان.
وأمام هذه الصعوبات العديدة يكون المفهوم التقليدي للسببية الكاملة أو الملائمة الذي لا يعتد بالوقائع السابقة عن الأضرار إلا تلك التي يجب عادة أن تحدثها؛ فهذا المفهوم لا يستقيم الآن مع حقيقة الأضرار البيئية، ولكن تتفاقم هذه الصعوبات في مجال النفايات عندما تتشارك في وقوع الضرر، ويتحقق هذا الأخير باجتماعها معا حينئذ فان الأمر قد يستشكل على الخبراء ومن باب أولى على المضرورين البسطاء حيث يحاولون دائما تمييز المواد المشكوك فيها والتي تركت للتخلص منها، وكثيرا ما يختلفون في تحديد آثارها المختلفة. ولمواجهة هذه التحديات نجد أن رد فعل القانون يأتي على استحياء، حيث منح السلطة لقاضي الموضوع لتحقيق بعض التقدم، ومن الجدير بالاعتبار في هذا الصدد ما أخذت به أحكام القضاء الفرنسي التي سمحت بوجود مسؤولية تضامنية بين المشتركين في احداث التلوث الذي نشأ عنه ضرر واحد. غير أن القضاء قد تشدد بخصوص شرط عدم انقسام الضرر، وفسره تفسيرا ضيقا ولم يتدخل المشرع الفرنسي في هذا الموضوع إلا في موضوع الأضرار الناجمة عن الحوادث النووية فالمادة 10 من القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 30/10/1968 قد أقامت قرينة أصلية بالنسبة للأضرار الناتجة عن هذه الحادثة النووية، فلو وقعت مثل هذه الحادثة مع ملاحظة أن النفايات النووية يمكن أن تكون سببا لها وجب على الحكومة بقراراتها أن تضع قائمة عن الأمراض التي يفترض أن تسببها الحادثة دون أن يكلف المضرور بإثبات الرابطة السببية. ومثل هذا الحل جدير بالتوسع فيه في مجال الأضرار البيئية بوجه عام، وله مجموعة من النظائر في قانون العمل لمصلحة العمال ضحايا الأمراض المهنية.
ولن يكون الأمر شاذا اليوم ان يستفيد الغير الذين لا يرتبطون بعلاقة عضوية بالمشروع من هذه القرينة؛ متى كانوا ضحايا مضار الجوار. وقد ينازع البعض الحل السابق بدعوى أن النص قد ورد لمعالجة مشكلة السببية والأخذ به في مجال نوع معين فقط من الأمراض البيئية، وكذلك لو نشأت هذه الأخيرة عن التلوث مثلا فلن يكون الحل مبررا لأن الضرر الذي يحمله المضرور ليس في سلوك من أحدث التلوث ومن غير الممكن تنفيذ هذه الحجة لأنه لو أخذت على إطلاقها لكان معنى ذلك ان يعفى من المسؤولية من ارتكب حادثا مروريا بحجة أن المضرور وجد في طريق السيارة.
وإن تبريرا آخر معقولا يمكن أن يثار هنا، بمقتضاه أن المضرور الذي يأتي ليستقر قريبا من أحد مصادر التلوث يمكن أن يكون قد حصل من قبل على تعويض عن ضرره إذ أنه يكتسب الحق بالملكية أو الإيجار. ولعل هذا يفسر لماذا يكون لهذا الجار الحق في التعويض لو أن مشروع المجاور قد مارس نشاطا دون احترام التنظيم الساري المفعول. ومع ذلك فإن الاتجاه الغالب في الفقه الفرنسي يعترض على هذا الحل الأخير الذي من شأنه أن يحرم المضرور من التعويض حيث يرى انه في ذات الوقت غير اقتصادي وغير بيئي ولا يبين الصعوبات التي يقابلها المضرور في مجال الأضرار البيئية على تلك الخاصة بالرابطة السببية، ولكن الضرر المقصود يكون مصدرا لصعوبات جمة.
2- لمسائل التي يطرحها الضرر: يثير الضرر في ذاته كعنصر جوهري للمسؤولية المدنية بشكل عام صعوبات عديدة ترتبط بتعريفه وإثبات تقديره. فضلا عن ذلك فإن خصوصية الأضرار البيئية تخلق بعض الصعوبات الإضافية.
بادئ ذي بدء يمكن القول أن المضرور من التلوث أو تدهور البيئة إذا لحقه ضرر في شخصه أو في ماله الخاص، فإنه توجد مشاكل مختلفة عن تلك التي تقابل مجال الأضرار الأخرى غير البيئية والتي تفيض بها مجلات ودوريات القضاء. وعلى العكس من ذلك فإن تمسك المضرور بالأضرار التي تلحق العناصر الطبيعية كالغطاء النباتي، الحيوانات، الهواء، مجرى الماء أو بعض الاعتداءات التي تخل بالتوازن البيئي في قطاع من هذه القطاعات، حينئذ يظهر جليا عدم تناسب قواعد القانون المنظم لعنصر الضرر. وذلك من ناحتين الأولى توجد تلك الأموال التي لا يمكن لأحد الاستيلاء عليها فهي أشياء عامة، والمدعي في دعوى المسؤولية المدنية بسبب الاعتداء على مثل هذه الأشياء لن يستطيع إثبات الاعتداء الذي شكل بالنسبة له ضررا شخصيا، ويرتبط ذلك بمسألة مهمة أخرى هي مسألة الصفة في الدعوى كما سنرى لا حقا. ومن ناحية ثانية حتى لو أمكن أن تكون هذه الأموال محلا لحق خاص فلن تمثل في أغلب الحالات أية قيمة لأنها تخرج عن دائرة التعامل ولهذا رأى البعض أنها لا تستدعي أي تعويض، وإذا قدرت المحاكم منح مثل هذا التعويض فغالبا ما يكون رمزيا.
إن هذا الموقف يجب أن يعاد فيه النظر مستقبلا خاصة بالنسبة للأضرار التي تقع بسبب النفايات، خاصة وأن مشروع التوجيه الأوروبي يميز بدقة في مادته الثانية بين الأضرار وتدهور البيئة ويعتمد هذا النص على فكرة إفراد الضرر البيئي وتمييزه عن الأضرار الأخرى بهدف إخضاعه لمعاملة خاصة. وفيما يتعلق بتقدير هذا الضرر فالمادة 4 من مشروع التوجيه الأوروبي قد أشارت إلى استرداد التكاليف المشروعة اللازمة لإصلاح البيئة واتخاذ الإجراءات الوقائية، إلا إذا كانت هذه التكاليف تتجاوز كثيرا تلك المبالغ التي تلزم عادة لإعادة البيئة إلى حالتها الأولى أو أن إجراءات أخرى تبادلية لإعادة حالة البيئة يمكن أن تتخذ نفقة أقل، وفي الواقع أن الضرر البيئي الملزم للمسؤولية تكتنفه صعوبة مزدوجة:
الأولى: تتمثل في أن الضرر البيئي يتحقق في أغلب الأحيان بالتدرج وليس دفعة واحدة أي على شهور أو سنوات حتى تظهر أثاره، فالتلوث بالإشعاع النووي أو الكيميائي للمنتجات الزراعية والمواد الغذائية بفعل المبيدات أو غيرها لا تظهر آثاره الضارة بالأشخاص والممتلكات بطريقة فورية بل تحتاج إلى وقت طويل ليصل درجة التركيز السام بعدها تبدأ الأعراض بالظهور.
ويتأكد هذا من خلال نصوص بعض الاتفاقيات الدولية التي تعالج المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث الإشعائي مثلا، حيث تجعل مدة انقضاء الحق في المطالبة بالتعويض طويلة نسبيا قد تصل إلى 10 سنوات من تاريخ وقوع الحادث أو النشاط المولد للضرر فعلى سبيل المثال المادة 7 من اتفاقية المسؤولية المدنية تجاه الغير في مجال الطاقة النووية المبرمة في 29/7/1960 وكذلك المادة 6 من اتفاقية فيينا 21/5/1963 المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية.
الثانية: تكمن في الأضرار الناجمة عن التلوث أو التدهور البيئي قد تكون أضرارا مباشرة إذ أنها تصيب الإنسان، الحيوان، الأشياء، الماء أو الهواء، فإذا انبعثت من مصنع ما غازات سامة أدت إلى تلوث المراعي المجاورة ثم أدى ذلك إلى موت الماشية لأحد المزارعين ومن ثمة لم يستطع زراعة أرضه الملوثة فتتوقف موارده المالية، الشيء الذي يمنعه من سداد ديونه وينتهي به الأمر أخيرا إلى الإفلاس، فما هو الحد الذي تقف عنده مسؤولية ذلك المصنع من بين تلك الأضرار جميعها؟ وهل يسأل فقط عن تعويض المواشي التي ماتت نتيجة تلوث المراعي دون الأضرار اللاحقة ؟
إن تسلسل الأضرار يثير عقبات كثيرة أمام إثبات العلاقة السببية، و لا شك أن الأمور يمكن أن تثير الشك أو التردد لدى القضاء المتشبع بالقاعدة التقليدية مما يحدو به إلى رفض الحكم بالتعويض، وقد ساعده على هذا الموقف أن كثيرا من الأضرار البيئية هي أضرار غير مرئية، ويتعذر تحديد مقدارها. ومثال ذلك تحديد مقدار الأضرار التي تصيب المصطافين وانصرافهم عن التمتع بالشاطئ بسبب تلوث مياه البحر بالزيت أو بغيره .
3- المسائل التي تطرحها الصفة في الدعوى: تمثل الصفة في الدعوى مشكلة مشتركة في كل مسائل الضرر البيئي أيا كان سببه، ذلك أن عناصر البيئة التي يلحقها التلوث تنقسم الى طائفتين:
الأولى: العناصر التي تتبع شخصا معينا خاصا أو عموميا يتمتع عليها بحق خاص عيني كملكية، انتفاع، حق شخصي أو مصلحة شخصية في البقاء وسلامة العين المؤجرة.
الثانية: العناصر العامة المشتركة التي ينتفع بها كافة الأفراد في المجتمع دون أن يكون لأحدهم منع الآخرين كالهواء، مياه البحر، والنباتات. وهذا التمييز له أهمية في تحديد من تكون له صفة رفع الدعوى عن الأضرار البيئية. فطبقا للأنظمة القانونية يلزم فيمن يرفع الدعوى من أجل المطالبة بالتعويض أن يكون قد أصابه الضرر في مصلحة يحميها القانون، وتوافر هذه المصلحة يعني أن له الصفة في رفع دعوى المسؤولية.
ومن المعلوم أن المدعي يجب أن تتوافر لديه الصفة بأن له مصلحة خاصة وشخصية يدافع عنها في هذه الدعوى ومن هنا تقرر مبدأ " لا دعوى بلا مصلحة ". كما يجب أيضا أن تتوافر الصفة لدى المدعى عليه فترفع الدعوى ضد المسؤول عن الضرر وهو الشخص الذي يجوز قانونا مقاضاته، فالمتقاضي يجب أن تتوافر لديه الصفة السلبية والإيجابية فيما يرفعه من دعاوى للمطالبة بحقوقه وما يرفع عليه من دعاوى من قبل الآخرين.
وإذا كان البعض يفرق بين الحق والمصلحة والصفة ويعتبرها بالإضافة إلى الأهلية شروطا لقبول الدعوى إلا أن الرأي الراجح يرى أن هذه الشروط باستثناء الأهلية ما هي إلا شروط متداخلة ولا يعدو كونها وجهات نظر مختلفة لشيء واحد فقط، فمن يقدر أن المصلحة هي الشرط الوحيد لقبول الدعوى و اشترط أن تكون المصلحة قانونية أي تستند إلى حق أو مركز قانوني وهو ما يعادل شرط وجود الحق، وأن تكون المصلحة قائمة بمعنى أن يكون الاعتداء قد وقع بالفعل على الحق المراد حمايته وهو ما يعادل عند البعض وجود الاعتداء على الحق، وأن تكون المصلحة شخصية ومباشرة بمعنى أن تحمي الدعوى حق رافعها أو من ينوب عنه وهو ما يعادل شرط الصفة، وإذا كانت المصلحة هي الشرط الجامع لقبول الدعوى بحيث لا دعوى إلا بمصلحة فإن هذه المصلحة يجب أن تستوفي شروطا مهمة بمعنى أن تكون قانونية وقائمة وحالية وشخصية ومباشرة. وتكون المصلحة قانونية متى كانت تستند إلى حق أو مركز قانوني؛ بحيث يكون الغرض من الدعوى حماية هذا الحق أو المركز القانوني بتقريره إذا وقع العدوان عليه أو تعويض ما لحقه من ضرر بسبب ذلك. أما المصلحة الشخصية أو المباشرة" الصفة أو الجانب الشخصي في الدعوى " فيقصد به أن يكون المدعي هو صاحب الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته وأن يكون المدعى عليه هو المعتدي على هذا الحق أو المركز القانوني.وتذهب غالبية الفقه إلى القول بأن الصفة في الدعوى ليست إلا وصفا من أوصاف المصلحة، أو ما يعبر عنه بأن تكون المصلحة شخصية ومباشرة بمعنى أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني المراد حمايته أو من ينوب عنه كالوكيل بالنسبة للموكل و كالوصي أو الولي بالنسبة للقاصر. ومن المهم التمييز بين الصفة في الدعوى التي لا تثبت إلا لمن يدعي لنفسه حقا أو مركزا قانونيا ضد المعتدي وهي شرط لقبول الدعوى وتثبت لجميع الأشخاص القانونية الطبيعية والاعتبارية وتثبت للشخص الطبيعي سواء كان كامل الأهلية أو ناقصها.
و أما الصفة الإجرائية التي لا تثبت إلا للشخص الطبيعي كامل الأهلية، وتختلف درجاتها فقد تكون أهلية إدارة أو أهلية تصرف بحسب نوع الإجراء المطلوب اتخاذه.
الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة عامة أو جماعية: من المعلوم أن مهمة القانون لا تقتصر على توفير الحماية للحقوق الخاصة والفردية، بل تشمل أيضا حماية المصالح العامة والجماعية. والمصلحة العامة هي التي تهم المجتمع بأسره أما المصلحة الجماعية فيقصد بها المصلحة المشتركة لمجموعة من الأفراد تجمعهم مهنة معينة كالطب والمحاماة أو يستهدفون غرضا كالدفاع عن حقوق المرأة أو الرفق بالحيوان.. هذه المصلحة ليست عبارة عن مجموع المصالح الفردية لهؤلاء الأفراد وإنما هي مصلحة مشتركة متميزة ومستقلة عن المصالح الفردية؛ فإذا حدث اعتداء على مصلحة جماعية أو عامة فإن الصفة في الدعوى تثبت للهيئة التي كلفها القانون بالدفاع عن هذه المصالح وقد عهد القانون بالدفاع عن المصالح العامة للمجتمع للنيابة العامة.
وفيما يتعلق بالضرر البيئي، فالثابت أن المدعي تكون له الصفة متى انصب الضرر البيئي على سلامته الجسدية أو أمواله الخاصة، ونفس الحكم يتقرر بالنسبة للعناصر الخاصة بالبيئة؛ أي تلك التي تتبع شخصا معينا كالأرض، الحيوانات، الطيور، مياه القنوات والآبار الخاصة، فمتى أصاب هذه العناصر ضرر بسبب أنشطة ملوثة للبيئة كان لصاحبها صفة في رفع دعوى المسؤولية في مواجهة المسؤول وذلك وفقا للقواعد العامة الإجرائية. أما بالنسبة للعناصر العامة المشتركة التي لا تخص شخصا معينا فإن المسألة تصبح أكثر صعوبة خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي لا تعترف بالحق في البيئة؛ أي الحق الخاص الشخصي في بيئة نقية وسليمة وحينئذ تواجه دعوى المدعي صعوبات جمة من حيث توافر المصلحة الخاصة التي تعني أن له الصفة في الدعوى. ومع ذلك يمكن التغلب على هذه الصعوبة من خلال جمعيات حماية البيئة حيث يمكن لها أن تقوم بدور فعال في هذا المجال وذلك متى تمتعت بالشخصية القانونية. ومما لا شك فيه أن هذه الجمعيات تكون ذات صفة في رفع دعوى المسؤولية عن الأضرار البيئية متى ثبت أن هذه الأخيرة تتعلق بحقوقها الخاصة والتزاماتها الشخصية كأن يلحق الضرر أموالا خاصة بهذه الجمعية وبالتالي تتوافر لها المصلحة الخاصة في سلامة أموالها. أما فيما يتعلق بصفتها في رفع الدعوى دفاعا عن المصلحة المشتركة لأعضائها أو الغرض الذي أنشئت من أجله مثل حماية عناصر الطبيعة العامة، ويلاحظ في هذه الصدد أن العديد من القوانين لا تزال تتردد في الاعتراف بهده الصلاحية لجمعيات حماية البيئة كما هو الحال في القانون المصري 94/04 البيئي حيث اكتفى بمنح هذه الجمعيات الحق في التبليغ عن مخالفات أحكام القانون في المادة 103 منه. ومن المؤكد أن هذا الحق المسند إلى الجمعيات لا يمكنها من مباشرة رفع دعوى المسؤولية، وقد استند البعض في هذا الشأن على بعض الحجج منها أن الجمعية لا تمثل المهنة التي ينتمي إليها أعضاؤها وإنما تدافع عن المصالح العامة، وأن الاعتراف بالصفة في الدفاع عن مصالح عامة يمس بسلطة النيابة العامة التي خولها القانون هذه الصفة، ثم أن المشرع لم ينص صراحة على حق الجمعيات في هذه الدعاوى.
والجدير بالذكر هنا أن الفقه الحديث يتجه نحو التسوية بين النقابة والجمعية في هذا الموضوع حيث أن كلتيهما تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة لأعضائها ومن ثم يتعين إعطاء الجمعية الحق مثل النقابة في الدفاع عن المصالح الجماعية المهنية أو الغرض الذي أنشئت من أجله. وبناء على ذلك فإن الفقه والتشريعات الحديثة ومن بينها الجزائري منحت الجمعيات حق رفع دعوى المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية متى كانت هذه الأضرار تهدد الغرض الذي أنشئت من أجله الجمعية فمن دون شك تكون ذات صفة لرفع الدعوى.
وفي السياق ذاته فإن القانون الفرنسي المتعلق بالمسؤولية عن النفايات الصادر في 15/7/1975 يعترف بمقتضى المادة 24 منه للجمعيات المعتمدة قانونا للدفاع عن البيئة بالصفة في رفع دعوى المسؤولية المدنية في مواجهة من تسبب في إحداث الضرر المباشر أو غير المباشر الذي يصيب المصالح الجماعية المدرجة في النطاق الذي تدافع عنه الجمعية، وكذلك الأمر في التشريع الجزائري حيث ورد نص المادة 36 من القانون 03/10 الذي يجيز للجمعيات المعتمدة قانونا في المجال البيئي برفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين إليها بانتظام. أما المادة 37 من نفس القانون 03/10 أجازت للجمعيات ممارسة الحقوق المعترف بها للطرف المدني بخصوص الوقائع التي تلحق أضرارا مباشرة أو غير مباشرة بالمصالح الجماعية والتي تشكل مخالفة للأحكام التشريعية المتعلقة بحماية البيئة .
ثانيا: المسؤولية المدنية العقدية عن الأضرار البيئية: زيادة على المسؤولية التقصيرية التي تنظم الأضرار البيئية وما تعانيه من صعوبات حقيقية تؤثر بشدة على كفاءتها في مواجهة هذا النوع المتطور من الأضرار فإن ضحايا هذا الضرر قد تتوافر لهم إمكانية رفع دعوى المسؤولية العقدية، وتتعدد الفروض التي لا توجد فيها أمثلة لهذا الموقف، فمنتج أو حائز النفايات قد يتعاقد مع آخر لتقلها أو معالجتها فإذا ما سببت هذه النفايات ضررا للغير و أخطر الناقل أو صاحب المنشاة المعالجة إلى دفع تعويض للمضرورين فليس مستبعدا هنا أن يرجع على منتج النفايات وذلك بمقتضى قواعد المسؤولية العقدية مع مراعاة أن المضرور يستطيع أن يرجع في نفس الوقت على منتج النفايات والناقل والمعالج بالمسؤولية التضامنية طبقا للمادة 126 من القانون المدني الجزائري التي جاء فيها :" إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الالتزام بالتعويض" أما الفرض الشائع في هذا الشأن فيتمثل في حالة مالك أحد المواقع الصناعية والذي يتأثر من النفايات ثم ينقل ملكية هذا الموقع إلى شخص آخر ويجد هذا الشخص الأخير نفسه مجبرا على تنظيف الموقع بقرار من الجهة الإدارية المختصة أو بعض المضرورين ويضطر حينئذ بالرجوع إلى المالك السابق كي يحمله كل أو جزء من هذا العبء المالي الذي يكون باهظا في الغالب. هذا الأمر يحدث كثيرا في المناطق الصناعية عندما تكتشف بعض المشروعات أنها أصبحت قريبة من المواقع الملوثة، ورغم ذلك فإنه من الأمانة الاعتراف بأن دعوى المسؤولية المدنية العقدية عن الأضرار البيئية قليلة جدا في العصر الحالي ويرجع ذلك لسببين:
1- أن المتنازعات المثارة في هذا الصدد هي منازعات حديثة ولم تأخذ الفرصة كي تتوافر بشأنها أحكام القضاء.
2- أن هذه المنازعات غالبا ما تتم تسويتها عن طريق التصالح بين الأطراف لدرجة أصبحت معها تدخل في نطاق الأعباء الاقتصادية للمشروع أكثر من اتصالها بتعويض الأضرار.
أما في الحالات التي توجد فيها مثل هذه المسؤولية العقدية عن الأضرار البيئية فإن تساؤلا يثور حول أساس هذه المسؤولية خاصة عندما يتعلق الأمر بعدم وجود بند خاص بالعقد ينظمها، ثم ما حكم ذلك الشرط الذي يدرجه الأطراف في اتفاقهم وينقلوا به عبء تحمل المخاطر إلى أحد دون الآخر؟
إذن لدينا مسألتان الأولى الأساس القانوني للمسؤولية العقدية عن الأضرار البيئية والثانية شرط تحويل المخاطر على طرف دون الآخر.
الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية العقدية: إن الأساس الجوهري والتقليدي في الخطأ العقدي يتجسد في عدم تنفيذ أو التأخر في التنفيذ أو التنفيذ المعيب للالتزام العقدي إلا أنه في مجال الأضرار البيئية يكون من المفيد تذليل عبء الإثبات عن المضرور ولذلك يمكن أن نلتمس في القواعد القائمة ما يحقق له ذلك ولهذا فإن الفقه يقدر بحق أن جانبا من الأضرار البيئية خاصة ما تولد عن النفايات السامة أو الضارة يمكن أن تسري عليه آلية ضمان العيوب الخفية للشيء المبيع التي توفر مزايا مؤكدة للمضرور، بالرغم مما يحوطها من قيود وصعوبات، كما يمكن أن يثار في هذا المجال الالتزام بالإعلام أو النصح الذي تمسك به القضاء الفرنسي فعلا في مواجهة المتصرف في النفايات.
بالنسبة لضمان العيوب الخفية: نصت المادة 1641 من القانون المدني الفرنسي
article 1641 :Le vendeur est tenu de la garantie à raison des défauts cachés de la chose vendue qui la rendent impropre à l'usage auquel on la destine, ou qui diminuent tellement cet usage que l'acheteur ne l'aurait pas acquise, ou n'en aurait donné qu'un moindre prix, s'il les avait connus.
والتي يقابلها المادة 376 من القانون المدني الجزائري :" يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد بوجودها وقت التسليم إلى المشتري أو إذا كان بالمبيع عيب خفي ينقص من قيمته أو من الانتفاع به بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور في عقد البيع أو حسب ما يظهر من طبيعته أو استعماله فيكون البائع ضامنا لهذه العيوب ولو لم يكن عالما بوجودها ".
غير أن البائع لا يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم بها وقت البيع أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي إلا اذا أثبت المشتري أن البائع أكد خلو المبيع من كل العيوب أو أنه أخفاها غشا منه" إذن على البائع أن يلتزم بالضمان بسبب ما يوجد بالشيء المبيع من عيوب خفية من شأنها أن تجعله غير صالح للاستعمال الذي أعد له أو الذي ينقص كثيرا من هذا الاستعمال بحيث لم يكن ليكسبه أو يدفع فيه ثمنا أقل لو كان يعلمه، ومن ذلك اكتسب هذا النص أهمية خاصة للنفايات الضارة خاصة وأن القضاء الفرنسي قد توسع كثيرا في مجال تطبيقه فلم يقتصر على تعميم هذا الالتزام على جميع أنواع السموم ولكن قرره في عقود أخرى غير البيع كما أخضع له كل أنواع الاتفاقيات الأخرى بحيث يمكن القول أن هذا الالتزام يقع على عاتق كل شخص بتسليم شيء أو بتقديم خدمة تتعلق بشيء يجب أن يسلم للمتعاقد الآخر وبالتالي تنعقد المسؤولية العقدية بالنسبة للأضرار التي تصيب المشتري سواء في شخصه أو ماله أو التي تترتب على انعقاد مسؤوليته اتجاه الغير الذي يمسه ضرر بسبب النفايات.
ويبدو الأمر أكثر صعوبة عندما يتعلق الأمر بصفة " الخفاء" في العيب إذ من شأن ذلك استبعاد تطبيق النص متى كانت النفايات مخزنة في الموقع بطريقة ظاهرة، وبالعكس يكون عيبا خفيا تلك النفايات المتوارية أو المدفونة في الأرض دون علامات ظاهرة خارجية، وبالنسبة لهذه الأخيرة فإن الشراح يرون التمييز بين فرضين؛ الأول إذا ما تم بيع الموقع مثلا بين مهني متخصص وغير مهني فإن المحاكم تستطيع اعتبار غير المهني لم يكن بمقدوره أن يعلم بالعيب والثاني أنه تم البيع بين اثنين كلاهما مهني من نفس التخصص مثل مشروعين يعملان في نفس المجال " مجال كيميائي معين على سبيل المثال" فإن الأمر يختلف حتما عن سابقه، وهذه الحالة لا يمكن للمكتسب في جميع الأحوال أن يتمسك بضمان العيوب الخفية لأنه كمتخصص كان يعلم أو يجب أن يعلم بوجود العيب.
Article 1648 : L'action résultant des vices rédhibitoires doit être intentée par l'acquéreur dans un délai de deux ans à compter de la découverte du vice.
Dans le cas prévu par l'article 1642-1, l'action doit être introduite, à peine de forclusion, dans l'année qui suit la date à laquelle le vendeur peut être déchargé des vices ou des défauts de conformité apparents.
وبالنظر إلى المادة 1648 من القانون المدني الفرنسي نجد أنها تقرر مدة التقادم والتي يمكن القول بأنها قصيرة جدا، ومع ذلك فإن القضاء الفرنسي يحاول التغلب على هذه الصعوبة بطريقتين:
الأولى: أنه يقدر المدة القصيرة حسب طبيعة العيب واستعمال المكان، وبالتالي فإن بدء سريان المدة من وقت اكتشاف العيب يخضع لتقدير القاضي.
الثانية: يمكن للمضرور أن ينحي دعوى ضمان العيوب الخفية جانبا، ويتمسك في مواجهة البائع بمخالفة الالتزام بالتسليم مع التركيز على عدم مطابقة الشيء على ما اتفق عليه،وفضلا عن كل ذلك فقد توسع القضاء الفرنسي كثيرا في تقرير الالتزام بالإعلام والنصح بحيث يستطيع المضرور أن يتمسك في مواجهة البائع بمخالفة هذا الالتزام إذا لم تسعفه الوسائل السابقة.
ورغم عدم وجود أحكام للقضاء الجزائري في هذا الخصوص حسب علمنا، إلا أننا نرى أن نصوص المواد من 379 إلى 383 تسمح للقضاء بتوفير ذات الحماية لمضروري النفايات بذات الآليات التي رأيناها في القانون الفرنسي متى فسرت نصوص القانون المدني الجزائري المشار إليها بقدر من المرونة الكافية.
ويرى الفقه الحديث بضرورة وجود التزام بالإعلام والنصح في مجال الاتفاقيات المتعلقة بمعالجة ونقل النفايات الضارة بحيث يقع هذا الالتزام على عاتق من يعهد إلى المتعاقد الآخر بهذه النفايات لمعالجتها أو نقلها وتنعقد المسؤولية العقدية للأول إذا ثبتت مخالفته لهذا الالتزام أو أصاب الناقل أو الغير ضرر.
نلاحظ أن القضاء الفرنسي يهتم ليس فقط بما يقدمه المتعاقد للمتعاقد الآخر من معلومات ونصائح في الفترة السابقة على التعاقد ولكن أيضا يرى ضرورة استمرار هذا الالتزام بالإعلام بل والتحذير والنصح خلال فترة تنفيذ العقد و فوق ذلك فقد حاول بعض شراح القانون المدني وضع ترتيب لهذه الالتزامات من حيث التحديد والشدة فهناك : أولا الالتزام البسيط بالإعلام و ثانيا : الالتزام بجلب الانتباه أو التحذير من المخاطر التي تعتبر أكثر شدة وتحديدا من مجرد الالتزام بالإعلام؛ حيث يتضمن توجيها موضوعيا لنشاط المتعاقد الآخر .
من خلال ما تقدم يمكن القول بأنه يمكن مواجهة الأضرار البيئية باستخدام ذات القواعد التقليدية مع تطويعها لمواجهة هذا النوع الحديث من الأضرار، سواء كان ذلك بتطبيق قواعد المسؤولية عن العمل غير المشروع التي تتأسس على الخطأ كركن جوهري لقيامها، أو على أساس المسؤولية العقدية متى أمكن أن ينسب لأحد المتعاقدين الإخلال بالالتزام العقدي الذي كان وراء حدوث الضرر، وهذا يتطلب إجراء دراسات معمقة وبحوث جادة من أجل صياغة قواعد جديدة تتلاءم وجسامة الأضرار المدمرة للبيئة واستعمالاتها حيث أن القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية لم يعد بوسعها احتواء هذا النوع من الأضرار، والأكيد أن المسؤولية المدنية يمكنها أن تعيد إصلاح ما تتلفه المضار البيئية الحديثة وتستطيع أن تودي دورا وقائيا فعالا وهذا شرط تطويعها بما يتناسب و طبيعة الأضرار البيئية؛ حيث تعتبر المسؤولية محور أي نظام قانوني وهي قادرة على تفعيل هذا النظام وتحويله من مجرد قواعد نظرية إلى التزامات قانونية، حيث أنها أيضا رادع للسلوك غير الاجتماعي وتعوض المضرور، وهذا الدور للمسؤولية أكثر خصوصية وأهمية في مجال البيئة لأن نجاح أي نظام قانوني رهن بمدى استجابته لأصداء التطور الحاصل وطبعا من خلال تطويع المفاهيم والمبادئ والأفكار والمرونة في تطبيقها.
تحدثنا عن المقصود بالمسؤولية المدنية ومجموعة القواعد التي تلزم كل من سبب ضررا للغير بجبر هذا الضرر وذلك بتعويض المضرور عما أصابه من ضرر.
الملاحظ أن المضرور يهتم عادة بالمسؤولية المدنية أكثر من الجنائية التي هي حق للمجتمع، وكما هو معلوم تنقسم المسؤولية المدنية الى مسؤولية عقدية contractuelle ou dogmatique responsabilité ومسؤولية تقصيريةresponsabilité délictuelle فالعقدية إخلال بالتزام تعاقدي والتقصيرية إخلال بالتزام قانوني وقد فصل المشرع بين المسؤوليتين .
المسؤولية المدنية للشخص الاعتباري عن الأضرار البيئية: ورد في المادة 18 من القانون 03/10 " تخضع لأحكام هذا القانون المصانع و الورشات والمشاغل و مقالع الحجارة والمناجم وبصفة عامة المنشآت التي يستغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي،عمومي أو خاص والتي قد تسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة والأمن والفلاحة والأنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالم والمناطق السياحية أوقد تتسبب في راحة الجوار .
الواقعة التي قرر المشروع مسؤولية الشخص الاعتباري عنها ورد في المادة 58 من القانون 03/10": يكون كل مالك سفينة تحمل شحنة من المحروقات تسببت في تلوث نتج عن تسرب أو صب محروقات من هذه السفينة مسؤولا عن الأضرار الناجمة عن التلوث وفق الشروط والقيود المجددة بموجب الاتفاقية الدولية حول المسؤولية المدنية عن الأضرار الناجمة من التلوث بواسطة المحروقات"
ويمكن أن تقوم مسؤولية الدولة عن الأضرار البيئية في حالة ارتكاب خطأ من أحد مرافقها العامة، حيث قضت محكمة النقد الفرنسية بمسؤولية الجهة الإدارية عن الأضرار التي حدثت للصيادين في أحد الأنهار الفرنسية بسبب إلقاء مواد ملوثة بفضلات البلدية حيث ثبت عدم تطهير و تنقية هذه المواد بصورة كافية بسبب التشغيل المعيب لمحطة التطهير، و أنه يمكن تأسيس دعوى التعويض المقامة من طرف إتحاد الصيادين على نص المادة 1382 مدني فرنسي
Article 1382 ":Tout fait quelconque de l'homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute duquel il est arrivé à le réparer."
ويمكن للمضرور الرجوع على أكثر من مسؤول طالما قد ساهم بجزء في إحداث الضرر بالثروة السمكية و يجب أن يتم التعويض عن الأضرار المادية و الأدبية التي لحقت بالصيادين نتيجة أخطاء إدارية. أما فيما يتعلق بالتعويض عن الأضرار الخاصة بهلاك الأسماك في النهر فإنه لا يجوز تعويض الصيادين عنها إذا لم تكن في حيازتهم، أما إذا كانت في حيازتهم و ذلك بقيامهم باصطيادها فيمكنهم الحصول على تعويض عن هذا الضرر وفقا لقيمة الأسماك الهالكة على أن يؤخذ في الاعتبار عند تقدير تعويض قيمة الأسماك وقت الهلاك وليس عند تسويقها.
مدى ارتباط المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية عن أفعال المساس بالبيئة: قد يجتمع في فعل المساس بالبيئة شروط المسؤوليتين المدنية و الجنائية باعتبار المساس فعلا ضارا بالمجتمع كله، حظر المشرع ارتكابه و قرر له عقوبة جنائية توقع على مرتكبه، وباعتبار أن هذا الفعل يلحق ضررا بالغير يوجب التعويض، وفي هذه الحالة يكون للمسؤولية الجنائية تأثير قوي على المسؤولية المدنية؛ حيث تسير الدعوى المدنية في ركاب الدعوى الجنائية. و يتم وقف الفصل في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية بحكم بات، بيد أن الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية في البقاء لا في الانقضاء، لأن عدم سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم يمنع سقوط الدعوى المدنية بالنسبة للمضرور، أما سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم فلا يؤثر على الدعوى المدنية التي لم يمض عليها مدة التقادم المنصوص عليها قانونا.
و قد ينطبق على فعل المساس بالبيئة إحدى هاتين المسئولتين؛ المسؤولية الجنائية دون المسؤولية المدنية، و قد تقع المسؤولية المدنية وحدها دون الجنائية إذا كان الضرر بسبب فعل لا يمنعه القانون، و في هذه الحالة فإن عدم قيام المسؤولية الجنائية لا يمنع من قيام المسؤولية المدنية عن بعض أفعال المساس بالبيئة حيث تنص المادة 54 من القانون 03/10" لا تطبق أحكام المادة 53، في حالات القوة القاهرة الناجمة عن التقلبات الجوية أو من كل العوامل الأخرى، وعندما تتعرض للخطر حياة البشر أو أمن السفينة أو الطائرة.
كل ذلك دون الإخلال بحق الجهة المختصة في الرجوع على المتسبب بتكاليف إزالة الآثار الناجمة عن التلوث و تعويض الخسائر الناجمة عنه.
نلاحظ أن المشرع عالج في هذه المادة حالة من حالات الضرورة؛ فتأمين سلامة السفينة وسلامة الأرواح فيها، والعطب لا دخل للربان فيه وهذا يستلزم وجود خطر داهم وشيك وهو يدخل في حالات الضرورة.
وتعتبر الضرورة سببا من أسباب الإباحة وهذا يعني سقوط صفة التجريم ومحوها وبالتالي لا يسأل المسؤول جنائيا ولكن يسأل مدنيا وفقا لنص المادة 130 من القانون المدني التي تنص على التعويض في حالة الضرورة.
أما إذا اعتبرنا أن حالة الضرورة مانعا من موانع المسؤولية الجنائية فهي تقتصر على الركن المعنوي لدى المضطر، بيد أنها لا تؤثر على وصف الفعل أنه غير مشروع، ويقتصر هذا المانع على من تحقق لديه دون غيره من المساهمين، ولا يحول طلب التعويض عن الفعل المرتكب باعتباره فعلا غير مشروع.
أساس المطالبة بالتعويض و إزالة آثار التلوث عند توافر حالة الضرورة: يثور التساؤل عما إذا كان المشرع يعتبر أن فعل المضطر في حالات الضرورة يعتبر فعلا غير مشروع يسبب ضررا للغير، أم أساس المطالبة بالتعويض يقوم على أساس فكرة تحمل التبعة؟
إذا اعتبرنا أن الفعل يعد غير مشروع، و يسبب ضررا للغير فإن ذلك يوجب طلب الحكم بالتعويض و رد الحال إلى ما كان عليه؛ عملا بالقواعد العامة للمسؤولية المدنية و التي تقوم على أساس الخطأ الشخصي حسب نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري، ونلاحظ أن المشرع الجزائري في المادة 130 من القانون المدني ينص على أنه :"من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا "، وفي هذه الحالة ووفقا لهذه المادة فإن التعويض لا يستند إلى فكرة الخطأ الشخصي، و إنما إلى فكرة تحمل التبعة؛ لأنه لا ينسب للمضطر خطأ في فعله. وبالتالي فإن حالة الضرورة التي نص عليها المشرع المدني الجزائري في المادة 130 هي من الأسباب التي تجعل التعدي مشروعا، و أن النص على التعويض الذي يراه القاضي مناسبا في هذه الحالة هو تعويض مخفف عن المسؤولية التقصيرية.
ونلاحظ أن حالة الضرورة المنصوص عليها في القانون المدني و القانون الجنائي هي أوسع نطاقا من فكرة الإكراه المعنوي؛ الذي يكون وليد سبب أجنبي لا دخل لإرادة الشخص فيه، كالحادث المفاجئ أو القوة القاهرة، فالإكراه يعدم الإرادة تماما بخلاف حالة الضرورة التي تكون فيها إرادة المضطر موجودة لأنه يدرك تماما تصرفاته و تنصرف إرادته إليها، كما أنه يفاضل بين مصلحتين و يضحي بإحداهما وهو عالم بذلك.
و في القانون المدني فرق المشرع بين حالة الضرورة والسبب الأجنبي الذي يدخل فيه الإكراه المعنوي و القوة القاهرة و خطأ الغير المضرور، فأجاز طلب التعويض كقاعدة عامة حسب المادة 130 المشار إليها سابقا بينما لم يجز ذلك في حالة توافر السبب الأجنبي إلا إذا وجد نص أو اتفاق يجيز ذللك حيث تنص المادة 127 من القانون المدني على :" إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ صدر عن المضرور أو خطأ الغير كان غير ملزم بتعويض الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك " .
خلاصة :
مما سبق نجد أن التعويض المنصوص عليه في المادة 38 من القانون 03/10 لا يستند إلى فكرة الخطأ الشخصي و إنما إلى فكرة تحمل التبعة.
- معلم: بلفــضل مــــــحمد
أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية: تقوم المسؤولية المدنية سواء التقصيرية أو العقدية على ثلاثة أركان: الخطأ والضرر والعلاقة السببية، والمشرع الجزائري في قانون البيئة لم يضمن قواعد خاصة بالمسؤولية عن الأضرار البيئية كما لم ينظمها بقواعد خاصة وإنما تطبق فيها القواعد العامة. نشير إلى أنه توجد بعض الدول حرصت على وضع قواعد خاصة بالمسؤولية المدنية البيئية مثل القانون الامريكي 1986 (CERCLA : comprehensive Environmental Response, Compensation, and Liability Act ) والقانون الألماني 1990 واتفاقية لوجانو 1993 والتي تضمنت نصوصا قانونية بشأن التعويض عن الضرر البيئي المحض، وكذا تعويض الاشخاص، وكذلك التوجيه الأوربي 21/04/2004 بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية. هذا الأمر يتطلب من المشرع الجزائري أن يقوم بإصدار تعديلات في التشريعات البيئية بهدف حماية المضرورين من مخاطر الأضرار البيئية بوضع قواعد خاصة بالمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية تضمن تعويضا كاملا للمضرور من خلال قواعد التامين، أو الضمانات المالية الأخرى مثل صناديق التعويضات.
المقصود بأساس المسؤولية: هو السبب الذي من أجله يضع القانون عبء تعويض الضرر على عاتق شخص معين، وقد اختلفت الآراء حول ذلك بسبب بعض المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية.
المقصود بمصدر المسؤولية: هو القاعدة القانونية التي تقرر مبدأ التعويض، وهي لا تخرج عن الإرادة والقانون.
ويثور التساؤل عن الأساس القانوني للمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، هل يمكن أن تتأسس على الخطأ الواجب الإثبات أم تتأسس على مسؤوليات شبه موضوعية، تقوم على الخطأ المفترض أم على فكرة المسؤولية الموضوعية التي تعتمد على فكرة المخاطر وليس الخطأ فتنعقد عند وقوع الضرر حتى ولو لم يكن هناك خطأ؟
*1- المسؤولية القائمة على أساس الخطأ الواجب الإثبات: نظمها المشرع الجزائري في المادة 124 من القانون المدني والتي يقابلها المادة 1382 القانون المدني الفرنسي ويشترط لقيامها توافر ثلاثة أركان : الخطأ الضرر و العلاقة السببية
1- الخطأ : la faute : هو تقصير في مسلك الإنسان لا يقع من شخص يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالمسؤول، وهذا يعني أنه انحراف في سلوك الشخص المعتاد مع الإدراك و التمييز لهذا الانحراف. والخطأ هو عماد المسؤولية المدنية التقصيرية الناجمة عن الفعل الشخصي غير المشروع، ويتمثل الخطأ في الإخلال بالتزام قانوني سابق وهو عبارة عن ركنين :1 - مادي: يتمثل في التعدي. -2معنوي يتمثل في الإدراك.
أما استخلاص الفعل المكون للخطأ الموجب للمسؤولية يدخل في سلطة محكمة الموضوع مادام استخلاصها سائغا، أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه فإنه يخضع لرقابة محكمة النقض.
صور الخطأ: قد يتخذ الخطأ المضر بالبيئة صورة الفعل الإيجابي و قد يتحقق لمجرد الامتناع إذا كان هناك واجب قانوني يجب إتيانه، فالخطأ البيئي الموجب للمسؤولية المدنية يمكن أن يتحقق بمجرد عدم الحذر ولا يقبل الدفع بادعاء الجهل بالقانون أو عدم كفاءة وسائل منع التلوث التي يستخدمها.
-1 الفعل الإيجابي: يتمثل الخطأ بإضافة مادة ملوثة في الوسط البيئي، و لم يتطلب المشرع في هذه الملوثات أن تكون من نوع معين، أو مواصفات محددة ) صلبة،سائلة،غازية( أو ذات طبيعة إشعاعية، حرارية، ضوضاء، اهتزازات أو غيرها تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى تلويث البيئة أو تدهورها المواد )44 -69-59-52-72( من القانون 03/10، مثل تصريف المخلفات في مياه الأنهار أو نقل نفايات خطرة داخل الإقليم، وقد يأخذ هذا السلوك شكل الانبعاث في الجرائم الماسة بالبيئة الهوائية ولا يشترط في الفعل أن يكون بطريقة معينة؛ فقد يتم بإشعال النار في مواد معينة، أو ترك مواد عضوية سريعة التبخر في العراء مثل المبيدات والأحماض الكيماوية دون احتياطات لازمة أو بسبب احتراق الطاقة في الجو ..الخ. ولا يثير الخطأ في هذه الحالات صعوبة كبيرة حيث يتخذ صورة مادية ملموسة و يمكن تحديده.
2- الامتناع: يكون عن فعل معين متى كان هناك واجب قانوني على الشخص بإتيان هذا الفعل و كان باستطاعته القيام به مثل التزام المنشآت بعدم انبعاث أو تسرب ملوثات في الهواء بما يجاوز الحدود المسموح بها حسب المادة 85 الفقرة 2 من القانون 03/10" وزيادة على ذلك، يمكن القاضي الأمر بتنفيذ الأشغال وأعمال التهيئة على نفقة المحكوم عليه، وعند الاقتضاء، يمكنه الأمر بمنع استعمال المنشآت أو أي عقار أو منقول آخر يكون مصدرا للتلوث الجوي، وذلك حتى إتمام إنجاز الأشغال والترميمات اللازمة" أو عدم توفير سبل الحماية اللازمة للعاملين وكذلك بالنسبة لربان السفينة باتخاذ الاحتياطات اللازمة لتخفيف أو منع التلوث قبل و بعد العطب و إخطار الجهات الإدارية.
و قد يتخذ الخطأ في مجال البيئة عدة صور منها:
1/ مخالفة القوانين أو اللوائح: مثل عدم الحصول على ترخيص أو عدم مراعاة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في دفتر الشروط، مثلا. مما يستلزم قيام المسؤولية التقصيرية.
2/ الإهمال : مثل عدم الصيانة، أو إهمال التخزين لبعض المواد بشكل سليم.
3/ التعسف في استعمال الحق: يكون استعمال الحق تعسفيا إذا قصد به الإضرار بالغير دون الحصول على منفعة مما يعني الانحراف عن السلوك العادي كما يكون في عدم التناسب بين المصلحة و الضرر و عدم المشروعية في المصلحة المراد تحقيقها.
صعوبات الأخذ بنظرية الخطأ الواجب الاثبات في مجال الأضرار البيئية: هناك صعوبتان
الأولى: صعوبة تحديد المسؤول عن الضرر البيئي باعتبار أن الضرر البيئي ضرر تدريجي لا يقع دفعة واحدة، وعبء الإثبات يقع على المضرور فيما يتعلق بالعلاقة السببية.
كما يلاحظ في تعدد المسؤولين تطبيق المسؤولية التضامنية الواردة بنص المادة 126 من القانون المدني الجزائري، بينما القانون المدني الفرنسي لم ينص على المسؤولية التضامنية، مع ملاحظة أيضا أن عبء الإثبات يقع على المضرور ويصعب تحديد المسؤول.
الثانية: صعوبة إثبات الخطأ بحيث يحتاج إلى أهل الخبرة الذين قد يعجزون أحيانا عن إثباته أو الوقوف على أسبابه، أو معرفة المتسبب فيه، كما قد يصطدم المضرور بالرخصة الإدارية التي قد راعت الشروط القانونية كما أن المشرع يسمح في بعض الحالات بالتلوث في حدود معينة.
وإزاء هذه الصعوبات يستلزم البحث عن أساس آخر غير نظرية الخطأ.
*2- الضرر البيئي: يحتاج هذا النوع من الضرر إلى تحديد مفهومه وأنواعه وخصائصه والإشكالات التي يثيرها. حيث أن الضرر هو الركن الركين للمسؤولية المدنية فلا مسؤولية بدون ضرر ولا ضرر دون المساس بمصلحة مشروعة يحميها القانون، حيث تنص المادة 182/2 من القانون المدني الجزائري على:" غير أنه إذا كان الالتزام مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يكمن توقعه عادة وقت التعاقد" .
وتستلزم القواعد العامة أن يكون الضرر الواجب التعويض عنه ضررا مباشرا نتيجة نشاط المسؤول، والضرر المباشر هو الضرر المؤكد الذي يتحقق فعلان أو مؤكد التحقق ولو تراخى إلى المستقبل. أما الضرر غير المباشر فهو نتيجة غير مباشرة لنشاط المسؤول ولا مجال للتعويض عنه بحيث كان بوسع المضرور أن يتوقاه ببذل جهد معقول و أنه لا تعويض عن الأضرار الاحتمالية غير مؤكدة التحقق في المستقبل.
مفهوم الضرر البيئي: تنص المادة 2/1 من التوجيه الأوربي 2004 أن الضرر البيئي هو كل تغيير ضار يؤثر على الوسط البيئي بما يحويه من أنواع و أماكن معيشية طبيعية أو محمية و يغير من حالتها الاولية التي نشأت عليها؛ أي تغيير صفاته الفيزيائية أو الكيميائية .
أنواع الضرر: إما أن يكون ماديا أو أدبيا، فالضرر المادي إخلال بمصلحة مالية كالضرر الجسماني أو المالي، أما الأدبي فيتعلق بمصلحة غير مالية مثل الشعور والعاطفة والكرامة وغيرها من المعاني التي يحرص عليها الإنسان.
ويتخذ الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان في جسمه عدة صور، كالأمراض مثل السرطان، الربو، العقم، يمس بالخارطة الجينية، التشوهات أو الوفاة. أما الضرر المالي فيتمثل في تلف الممتلكات كالمزروعات، تصدع المباني أو انهيارها. ويتمثل الضرر الأدبي في الكآبة والحزن بسبب الملوثات أو وفاة الأقارب أو الروائح الكريهة.
خصائص الأضرار البيئية:
1- غير مرئية بالعين المجردة كما قد لا تدرك بالشم أو اللمس مثل الإشعاعات الأيونية.
2- غير مباشرة، بحيث قد يصيب عناصر البيئة ثم ينتقل الى باقي العناصر والكائنات الحية
والمستقر عليه هو رفض التعويض عن الضرر غير المباشر في أحكام المحاكم الدولية حيث رفضت محكمة العدل الدولية الدعوى المقامة من استراليا ونيوزلندا ضد فرنسا بسبب تجاربها النووية حيث لم تقدم الدولتان المدعيتان حالات ضرر محددة للمحكمة، رغم الحقائق العلمية المؤكدة لزيادة الإشعاع.
3- حدوثها غالبا بصورة تدريجية، فقد يمتد الضرر لأجيال كما أنها أضرار متراكمة مما يصعب تحديد مصدرها الحقيقي وبالتالي نسبتها للمسؤول غير ممكنة.
4- أنها أضرار منتشرة؛ تشمل مساحات واسعة وتنتقل عبر العناصر البيئية مثل ما هو الحال بالنسبة للإشعاعات النووية والأبخرة.
5- أنها عامة؛ أي من مصادر متعددة و يصعب تحديد نسبة مساهمة كل مصدر.
6- أنها تتعلق بعناصر الطبيعة، وهي ليست لها قيمة البضائع أو الممتلكات وهذا ما يجعلها صعبة التقويم ماديا.
المشكلات القانونية التي تثيرها الأضرار البيئية: إن إثبات وجود الضرر وتحديد مصدره وآثاره الفورية المستقبلية وإثبات علاقة السببية وكيفية تقدير التعويض وتحديد المحكمة المختصة، كلها مشكلات قانونية تثيرها الأضرار البيئية، فمثلا اشتراك مجموعة من المصانع في تلويث نهر عابر للحدود.
ويتطلب قيام المسؤولية المدنية وجود مدعي أي مجني عليه حيث أن الضرر الذي يصيب البيئة ولا ينعكس على الإنسان ولا على الكائنات الحية الأخرى لا يؤدي في غالب الأحيان لتحريك المسؤولية المدنية رغم مساسه بالبيئة ودهورتها.
وهنا يرى الفقهاء عدم الربط في مجال البيئة بين حمايتها وعنصر الضرر الذي يؤدي إلى قيام المسؤولية المدنية باعتبار أن حماية البيئة مصلحة عامة في حد ذاتها سواء وجد المضرور أي المجني عليه أم لم يوجد.
والملاحظ أن التشريعات البيئية تركز على حماية البيئة دون معالجة قضية التعويض إلا بصور فرعية؛ بمعنى منع الضرر وليس التعويض عنه إلا بعد حدوثه، وهذا لا يحول دون التعويض عن الضرر البيئي، لأنه يجب مواجهة تلك الأخطار.
رابطة السببية: lien de causalité : حسب نص المادة 124 مدني جزائري هي إسناد أي أمر إلى مصدره ونسبة نتيجة إلى فعل ما أو إلى فاعل معين؛ فالرابطة السببية تحدد نطاق المسؤولية؛ حيث قد يتفاقم الضرر وتنتج عنه أضرار أخرى مما يتطلب معرفة ما إذا كان الشخص الذي سبب الضرر الأول هو الذي سيتحمل كل الأضرار المترتبة عليه أم لا؟
صعوبة إثبات رابطة السببية بين الضرر البيئي ومصدره: يثير إثبات رابطة السببية بين الخطأ والضرر في نطاق المسؤولية المدنية بصفة عامة جدلا كثيرا بسبب دقتها و صعوبة تحديدها، وتزداد تلك الصعوبة في الأضرار البيئة كما أشرنا إليه سابقا بين المصدر والنتيجة.
و نتيجة لصعوبة تحديد رابطة السببية في المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ظهرت نظرية السببية العلمية والسببية القانونية.
نظرية السببية العلمية: تثبت أن زيادة نسبة تسرب مادة ما في البيئة يؤدي إلى زيادة حدوث الضرر بمعنى وجود علاقة سببية ثابتة علميا بين الضرر والمادة المتسربة.
نظرية السببية القانونية: فتتمثل في قيام رابطة سببية بين المادة التي أحدثت الضرر وبين الفعل والنشاط الصادر عن المنشأة التي انبعثت منها هذه المادة فلا يكفي إثبات العلاقة السببية بين الضرر والمادة بل يلزم أيضا إثباتها بين المادة وفعل المصدر.
مما سبق؛ فإن المفاهيم التقليدية لرابطة السببية لا تكفي في بعض الحالات لإقامة المسؤولية المدنية وهذا يعني تطبيق نظرية السببية العلمية والسببية القانونية معا
المسؤولية المدنية القائمة على أساس الخطأ المفترض: أقام المشرع نوعا آخر من المسؤولية المدنية وأسسها على فكرة الخطأ المفترض، وذلك عند حراسة الأشياء الخطرة، أو التي تتطلب حراستها عناية خاصة؛ حيث نصت المادة 138 من القانون المدني الجزائري على أن: " كل من تولى حراسة شيء وكانت له قدرة الاستعمال والتسيير والرقابة يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء(آلات مثلا) ويعفى من هذه المسؤولية حارس الشيء إذا أثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل عمل الضحية أو عمل الغير أو الحالة الطارئة أو القوة القاهرة" وهذا يستلزم وجود السيطرة الفعلية على الشيء المحروس.
أما الخطأ المفترض في الحراسة فهو الذي يحدث بفعل الشيء الموجود تحت سلطة الحارس وهذا يعني أن الحارس ملزم بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية، وبالتالي لا يمكن دفع هذه المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي ولا يمكن الدفع بعد ارتكابه الخطأ أو أنه بذل عناية وحيطة لازمة لئلا يقع هذا الضرر. ولكن يعفى من الضرر إذا أثبت أن الضرر وقع بسبب أجنبي (قوة قاهرة، خطأ المضرور أو الغير) ويحتفظ المضرور في حالة عدم توافر شروط تطبيق المسؤولية المدنية البيئية بحقه في طلب التعويض استنادا إلى أحكام المسؤولية عن الأفعال الشخصية الواردة في المادة 124 مدني جزائري المشار إليها سابقا بشرط تحديد شخص المخطئ وإثبات خطئه، وبالتالي نكون أمام الخطأ الواجب الإثبات.
مدى تأثير خطأ المضرور على المسؤولية: يحدث كثيرا أن يتخذ المسؤول أو حارس الأشياء الاحتياطات اللازمة للحيلولة دون إحداث الأضرار كوضع لافتات، إشارات وعلامات لتحذير الجمهور من الاقتراب، أو إحاطة المنشأة بسور ذو أبواب مغلقة، ومع ذلك قد يصاب الغير بأحد الأضرار البيئية، والسؤال الذي يطرح هنا هو: ما مدى مسؤولية الحارس في هذه الحالة؟
نلاحظ أن خطأ المضرور مع هذه الاحتياطات لا ينفي المسؤولية بحسب الأصل عن حارس الأشياء، وإنما قد يخفف من هذه المسؤولية بتخفيض قيمة التعويض، ويستثنى من ذلك استغراق خطأ المضرور لخطأ المسؤول، وذلك بأن يبلغ خطأ المضرور قدرا من الجسامة بحيث يكون هو العامل الأول في إحداث الضرر بأن يخالف التعليمات ولافتات التحذير ويتخطى السور لسرقة بعض الأشياء فيصاب بضرر بيئي وهنا تنتفي مسؤولية الحارس.
تطبيق المسؤولية الشيئية في مجال الأضرار البيئية: نلاحظ أن المشرع قصرها على حراسة الأشياء ولكن يمكن تطبيقها على الأضرار البيئية إذا نجمت هذه الأضرار عن الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة، أو حراسة آلات ميكانيكية؛ حيث قضت محكمة النقض الفرنسية 1997 بمسؤولية إحدى شركات المواد الكيميائية عن الأضرار الناتجة عن تسرب الغازات السامة من الأنابيب الموجودة في باطن الأرض والتي أدت إلى وفاة أحد الأشخاص تأسيسا على المسؤولية عن حراسة الأشياء و أنه لا يشترط أن يكون هذا الشيء موجودا على سطح الأرض لانعقاد المسؤولية.
دفع المسؤولية الشيئية بإثبات السبب الأجنبي: يستطيع المسؤول عن الضرر الشيئي دفع المسؤولية إذا أثبت أن الضرر كان بسبب أجنبي كالحادث المفاجئ، القوة القاهرة، خطأ المضرور أو فعل الغير؛ والدفع يكون بسبب واضح غير مبهم، سواء كان بسبب المضرور، الغير، القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ.
نلاحظ أنه يصعب الأخذ بهذه النظرية في بعض حالات الضرر البيئي حيث يجد المضرور نفسه بلا حماية تشريعية، وهذا يستلزم البحث عن نظرية أخرى والمتمثلة في المسؤولية الموضوعية؛ أي بدون خطأ؛ حيث أن الاتجاه الحديث يتجه نحو تقليص دور الخطأ كركيزة أساسية في مجال المسؤولية المدنية التقصيرية والاعتماد على المسؤولية الموضوعية المرتكزة على ضمان المخاطر وهي الواردة في المواد من 379 إلى 383 من القانتون المدني الجزائري، وليس الخطأ.
ماهية المسؤولية الموضوعية: تستند كلية على موضوعها أو محلها؛ أي على فكرة الضرر حيث يتم تعويض المضرور حتى ولو لم يرتكب المسؤول خطأ، والمضرور يتحصل على التعويض دون أن يتحمل عبء الإثبات.
أركان المسؤولية الموضوعية: تتمثل في الضرر، علاقة السببية بين الضرر وفعل المسؤول، فكل عمل أو فعل سبب ضررا للغير يلزم مرتكبه بالتعويض. ولا يمكن للمسؤول الدفع بنفي الخطأ أو انتفاء الخطأ المفترض أو إثبات السبب الأجنبي.
أساس المسؤولية الموضوعية: تتمثل في فكرة تحمل التبعة، التي تتفق مع قواعد العدالة والأخلاق؛ لأن المضرور لم يرتكب خطأ، فلماذا يتحمل المخاطر الناتجة عن نشاط غيره؟ فصاحب العمل الضار يستفيد أرباحا وبالتالي يتحمل تبعة نشاطه والمخاطر الناتجة عنه(لا ضرر ولا ضرار)
وتتلاءم المسؤولية الموضوعية مع الأنشطة المضرة بالبيئة على أساس فكرة الغرم بالغنم.
وبالتالي فالمسؤولية الموضوعية أنسب الوسائل الحديثة وأكثر الأسس القانونية ملاءمة للأضرار البيئية دون تحمل عبء الإثبات لخطأ المسؤول أو الشخص المسؤول وبالتالي نبحث عن المسؤول و لا نبحث عن ركن الخطأ؛ وهذا ما يعرف أيضا بالمسؤولية بدون خطأ.
جزاء المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية: إذا توافرت أركان المسؤولية المدنية يجوز للمضرور المطالبة بالتعويض كجزاء. ويقتصر التعويض في المسؤولية العقدية على حالات الغش، الخطأ الجسيم وعلى الضرر المباشر المتوقع، أما التعويض في المسؤولية التقصيرية فيكون عن أي ضرر متوقع أو غير متوقع، ويتم تقدير التعويض بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ و يشتمل على عنصرين:
1- الخسارة التي لحقت بالمضرور.
2- الكسب الذي فاته.
والسلطة التقديرية للقاضي تخضع لرقابة المحكمة العليا.
أنواع التعويض: التعويض بصفة عامة وسيلة إصلاح و جبر للضرر، إلا أنه يوجد بعض الحالات التي يصعب فيها محو الضرر بصفة تامة، وترك لقاضي الموضوع اختيار وسيلة التعويض الملائمة.
1- التعويض العيني: أي تنفيذ الالتزام عينا بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب المسؤول للعمل الضار؛ وبالنسبة للضرر البيئي هذا النوع من المسؤولية هو الأفضل. والتعويض العيني قد يكون جزئيا أو كليا فمثلا غلق المنشأة بالكامل هو تعويض عيني كامل، أو تعديل طريقة استغلال المنشأة لتقليل هذا الضرر مثل تركيب المصافي، أو تغيير مسار المواد الملوثة أو الوقف الجزئي للنشاط؛ هو تعويض عيني جزئي.
صور التعويض العيني : يجوز للمتضرر اللجوء إلى المحكمة المختصة لاستصدار حكم إعادة الحال إلى ما كان عليه أو وفق النشاط.
1- إعادة الحال إلى ما كان عليهla remise en état : و هي أكثر ملاءمة لتعويض الضرر البيئي، ولكن الصعوبة في معرفة كيف كان الحال قبل الضرر، وهذا يستلزم وجود إحصائيات و دراسات بيئية، وهذا قد يتوفر في أماكن دون أخرى.
ويتمتع القاضي بسلطة تقديرية في الحكم بإعادة الحال إلى ما كان عليه.
وسائل إعادة الحال إلى ما كان عليه: كل وسيلة مقبولة يكون الغرض منها إعادة تهيئة أو إصلاح المكونات البيئية المضرورة و كذلك الوسائل التي يكون الهدف منها إنشاء حالة من التعادل إذا كان معقولا وممكنا بالنسبة للعناصر المكونة للبيئة. مع ملاحظة أن إعادة الحال إلى ما كان عليه قد يكون عقوبة تكميلية إضافة إلى العقوبة الأصلية، كما يمكن للقاضي أن يصدر عقوبة مالية تهديديه في حالة التقاعس.
2- وقف النشاط الضار من طرف المدين أو الدائن على نفقة المدين: حيث يجوز في العقود للمضرور أن يطلب التنفيذ العيني أو إنقاص الالتزام أو فسخ العقد.
التعويض النقدي: وهو إلزام المسؤول عن الضرر بدفع مبلغ نقدي للمضرور؛ يكون مناسبا. دفعة واحدة أو على أقساط أو راتبا مدى الحياة، حسب ظروف الدعوى. و يجوز مراجعة التعويض مستقبلا. و في حالة الهلاك لا يمكن الجبر إلا نقدا.
تقدير قيمة التعويض النقدي: يتم تحديد قيمة التعويض بحسب الوسائل المعقولة التي يتم اتخاذها لإعادة الحال إلى ما كان عليه بالنسبة للوسط البيئي الذي لحقه الضرر، ويشمل الضرر الوفاة، الإصابة الجسدية والأموال. كما يجوز تعويض الأضرار البيئية المحضة، ويستبعد تعويض المنشأة المسببة للضرر والأموال التابعة لها، ويراعى في التقدير جسامة الضرر، وحالة الوسط البيئي والوسائل اللازمة، والنتائج المراد تحقيقها، و استعمال الوسائل البسيطة العادية، تجنبا للتكاليف الباهظة.
صعوبة تقدير التعويض النقدي: بالنسبة للأضرار الشخصية كالأموال مثلا لا يوجد إشكال في تقديرها، ولكن البيئة يصعب تقدير أضرارها نقدا.
فبالنسبة للتاريخ، مسؤولية المدين هل تبدأ من تاريخ وقوع الضرر أم من تاريخ تحقق الضرر؟
فتحديد يوم وقوع الفعل المنشئ للضرر يساعد في تحديد المسؤول دون تحديد حق المضرور في مواجهة المسؤول عن الضرر. أما قيمة التعويض فتحدد يوم صدور الحكم .
وسائل تقييم الأضرار البيئية المحضة : نظرا لصعوبة تقييم الأضرار البيئية المحضة فقد اجتهد الفقه والقضاء في ابتداع الوسائل القانونية الميسرة للتقييم منها: التقدير الموحد للضرر البيئي، التقدير الجزافي، نظام المسؤولية المحدودة ونظام التعويض التلقائي .
1- التقدير الموحد: l’évaluation unitaire: يعتمد على حساب تكاليف إحلال وتجديد العناصر الطبيعية التي أصيبت بالضرر، إلا أنه يصعب في أكثر الأحيان تقديرها نقديا؛ ولذالك تم الاسترشاد بأسعار السوق لبعض العناصر الطبيعية والحالات القريبة منها من الحالة المعروضة أمام القضاء؛ أي التقدير على أساس قيمة الاستعمال والمنفعة (الحالة أو المستقبلية أومن مجرد وجودها) التي تقدمها هذه العناصر للإنسان مع حساب النفقات لإزالة الضرر.
وبالرغم من مزايا التقدير الموحد بحسب الأصل كقيمة تجاريه إلا أنه لا يراعي ما تقدمه هذه العناصر من وظائف ذات طبيعة خاصة يصعب تقديرها نقدا.
2- التقدير الجزافي: يعتمد على إعداد جدول قانوني يحدد قيمة مشتركة للعناصر الطبيعية وفقا لأسس علمية يضعها متخصصون؛ حيث يتم التعويض على أساس مساحة ونوع الوسط البيئي المضرور، وكمية المواد المتسربة المضرة بالبيئة، ومدى تأثيرها على المحيط.
وهذه الوسيلة تعطي جميع الأضرار ميزة وهي إلزام المسؤول بالتعويض الملائم إلا أنه يصعب إثبات الحالة التي كانت عليها البيئة قبل الضرر، كما أنه لا يميز بين خصوصية كل حالة وعدم مراعاة التطورات التقنية في المجال البيئي وبالتالي فهي جامدة عن تقدير التعويض.
أما التعويض عن إصابات العمل فهي مقررة بنصوص قانونية ثابتة ولم يترك المشرع للقاضي سلطة التقدير فيها. وإن كانت الوسيلة التي يعتمد عليها القاضي في تقدير التعويض عن الضرر البيئي. ويمكن للقضاء اعتبار هذه الوسائل مجرد قرائن بسيطة في الدعاوى المعروضة.
يلاحظ أن هذه الوسائل تواجه بعض الصعوبات في التطبيق كما أنها لا تمنح المضرور تعويضا سريعا وفعالا؛ وبالتالي يلزم البحث عن وسائل أخرى أكثر فاعلية.
3- نظام المسؤولية المحدودة: تبنتها بعض التشريعات في مجال التعويض عن الأضرار النووية، ويقصد بها وضع حد أقصى للتعويض عن الضرر البيئي لهذا النشاط، وهذا يستلزم التعويض عن الضرر البيئي الذي نادرا ما يكون كاملا حيث يتحمل المضرور جزء من هذا الضرر دون تعويض. وتنص المادة 15 من القانون الألماني المتعلق بالمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية 1990 على تحديد مبلغ قدره 160 مليون مارك ألماني يتحمله المسؤول بشرط أن تكون هذه الأضرار ناتجة عن عمل واحد فقط.
4- نظام التعويض التلقائي: بمجرد حدوث الضرر يقوم المسؤول بالتعويض قبل أن يقام بأي إجراء قانوني ضده ليتجنب وقف نشاطه. وهذا النظام مطبق في فرنسا في مجال التأمين الاجتماعي عند وقوع حوادث العمل. ويمكن زيادة فاعلية هذا النظام بتبني نظام التأمين بحيث تقوم شركات التأمين بوضع حد أقصى للمبالغ التي تقوم بدفعها عند تحقق ضرر المؤمن عليه وهذا النظام يعتبر وسيلة أمان فعالة للبيئة.
نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يضع في قانون حماية البيئة 03/10 نظاما خاصا للتعويض وبالتالي يرجع إلى القواعد العامة لاسيما المواد 164، 180، 181، 176 من القانون المدني. وعدم قيام الجزائري بوضع نظام خاص بالمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية موقف منتقد؛ حيث أن القواعد العامة لم تنظم إلا الأضرار التي تلحق بالأشخاص وأموالهم الخاصة وبالتالي فإن تعويض الأضرار البيئية يخرج عن هذا النطاق لعدم وجود النص عليه بقواعد خاصة. كما أن القواعد العامة لا تتلاءم مع طبيعة الضرر البيئي الذي يصعب تقدير قيمته عمليا وفنيا.
لذلك نرى أن تدخل المشرع ضروري لوضع هذا التصور للمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية تقليدا للتشريعات التي سبقت في هذا المجال، فأن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا.
دفع المسؤولية عند الضرر البيئي: يستطيع المدعى عليه دفع المسؤولية عنه بعدة وسائل مثل نفي أحد أركان المسؤولية المدنية، وهنا يثور التساؤل عن مدى صلاحية الترخيص الإداري في دفع المسؤولية عن الضرر البيئي وحكم مضار الجوار المألوفة. فقد يستطيع المدعى عليه نفي أحد أركان المسؤولية المدنية بنفي صدور الفعل المحدث للضرر عنه، أو بنفي الفعل من حيث صفته ذلك بإثبات أن الفعل الصادر عنه لا يعد خطأ. وكذلك يستطيع المدعى عليه نفي ركن الضرر في ذاته أو من حيث صفته من حيث كونه فاحشا أو غير مألوف، أو ينفي العلاقة السببية (سواء كانت سببية علمية أو قانونية) بأن يثبت أن هذا الفعل قد نجم عنه بسبب أجنبي لا دخل لإرادته فيه كالقوة القاهرة ،الحادث المفاجئ، خطأ الغير أو المضرور.
أما فيما يتعلق بالترخيص الإداري، فإذا كان لحق بالمضرور ضرر بسبب أبخره (دخان) أو تسرب كيماوي أو مشع من مصنع أو منشأه مرخصة، فهل يستطيع المسؤول الدفع بالترخيص الإداري؟
في فرنسا كانت المادة 11 من المرسوم الصادر في 15/10/1810 بشأن المنشآت المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة لا تجيز للمضرور الرجوع على المنشأة المرخصة بيد أن القضاء الفرنسي قضى بمسؤوليتها رغم حصولها على الترخيص الإداري على أساس أن الترخيص منح مع وجوب مراعاة حقوق الغير، وقد عدل المشرع الفرنسي عن الاتجاه السابق وتبنى اتجاه القضاء؛ حيث أصدر في 19/12/1917 قانونا بشأن المنشآت الخطرة حيث نص في المادة 12 منه على أنه: " يتم منح الترخيص الإداري مع مراعاة حقوق الغير ." وفي المادة 2: "منح الترخيص الإداري لا يحول دون مطالبة الغير المضرور بالتعويض الناشئ عن المنشآت الخطرة أو المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة"
وفي الجزائر جاء في المادتين 18 و 19 من القانون 03/10 أنه لا يجوز للمسؤول عن المنشأة المرخص لها مباشرة نشاط مضر بالصحة أن يدفع المسؤولية بالرخصة الإدارية باعتبار أن الرخصة قصد بها التأكد من توفر الاشتراطات التي نص عليها القانون ضمانا للمصلحة العامة.
نشير هنا أن القاضي المدني لا يملك سلطة إصدار حكم بالغلق النهائي للمنشأة المرخص لها، لأن هذه السلطة مقررة للجهة الإدارية تحت رقابة القضاء الإداري، حسب نص المادة 23/02 من القانون 03/10، إلا أنه يجوز للقاضي المدني في سبيل وقف النشاط الضار تطبيق المادة 170 من القانون المدني التي جاء فيها:" في الالتزام بالعمل إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جاز للدائن أن يطلب ترخيصا من القاضي في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا " والمادة 171 :" في الالتزام بعمل قد يكون حكم القاضي بمثابة سند للتنفيذ اذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام مع مراعاة المقتضيات القانونية والتنظيمية" أما في حالة الاستعجال، لم ينص القانون المدني على التنفيذ على نفقة المدين، ولكن نصت عليه المادة 56 من القانون 03/10 بقولها:" في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاضعة القضاء الجزائري لك سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أو خطيرة أو محروقات من شأنها أن تشكل خطرا كبيرا لا يمكن دفعه ومن طبيعته إلحاق الضرر بالساحل والمنافع المرتبطة به، يعذر صاحب السفينة أو الطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة باتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذه الأخطار.
وإذا ظل هذا الإعذار دون جدوى، أولم يسفر عن النتائج المنظرة في الآجال المحدد أوفي حالات الاستعجال تأمر السلطة المختصة بتنفيذ التدابير اللازمة على نفقة المالك.
وبالتالي فإن التعويض النقدي هو الوسيلة الأكثر نجاعة في حالة الأنشطة المشروعة المرخص بها فلا مجال لوقف النشاط المشروع. ويكون التعويض في هذه الحالة وفقا لنظرية مضار الجوار غير المألوفة والتي يكون فيها التعويض جزئيا؛ حيث يتم التعويض عن الأضرار غير المألوفة أما الأضرار المألوفة فلا تعوض طبقا لأحكام هذه النظرية.
مضار الجوار غير المألوفة: اهتم بها القانون المقارن ومنها الأضرار البيئية وتوسع الفقه والقضاء في مفهوم الجار بصدد هذه المسؤولية حيث تشمل الأضرار التي تلحق بالسكان الموجودين في الحي أو المنطقة وبالتالي توسع مفهوم الجوار إلى أكثر من الملكيات المتلاصقة .
الهدف من التوسع في مفهوم الجار هو الرغبة في الاستفادة من القواعد المشددة للمسؤولية عن مضار الجوار غير المألوفة، وعدم الغلو في استعمال حق الملكية إلى الحد الملوث للبيئة.
موقف المشرع الفرنسي: ابتدع القضاء الفرنسي هذه النظرية قبل المشرع ثم تناولها الفقه الفرنسي وقرر مسؤولية الجار عند الأضرار التي تلحق بجاره إذا كانت هذه الأضرار تتجاوز الأضرار العادية بصرف النظر عن وجود خطأ واعتبر أن هذه النظرية هي إحدى صور المسؤولية الموضوعية.
شروط تطبيق هذه النظرية:
1- اجتماع صفة الجار في المسؤول والمضرور معا. والمقصود بالجار في هذه النظرية هو كل من يشغل مكانا معينا بغض النظر عن صفته (مالك، مستأجر،شاغل بسيط للمبنى ).
2- أن تكون الأضرار غير مألوفة؛ وهي التي تتجاوز في شدتها واستمرارها ما يسود الحي أو المنطقة من أعباء الجوار، وبالتالي لا يجوز المطالبة بتعويض الأضرار المألوفة، فإذا كانت منطقة فلاحية مثلا فهي تحوي حيوانات و إسطبلات فلا يجوز للجار المطالبة بالتعويض عن أضرار الروائح الكريهة حيث أن إقامته بمثل هذه الأماكن تتطلب منه التحمل.
موقف المشرع الجزائري: أخذ بنظرية عدم الغلو في استعمال حق الملكية في القانون المدني فنصت المادة 690 على أنه يجب على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به التشريعات الجاري العمل بها والمتعلقة بالمصلحة القانونية والخاصة. كما نصت المادة 691 على أنه يجب على المالك أن لا يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار، وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة غير أنه يجوز له أن يطلب إزالة هذه المضار.
يلاحظ أن المسؤولية لا تستند في هذه الحالة على فكرة الخطأ، وإلا لما كان لهذا النص أهمية حيث تنظم القواعد العامة الأضرار الناتجة عن الخطأ. كما لا تستند إلى فكرة التعسف في استعمال الحق والتي تتطلب ان يستعمل صاحب الحق حقه بقصد الإضرار بالغير، أو تحقيق مصلحة أقل من الضرر أو مصلحة غير مشروعه .
أهمية نظرية مضار الجوار غير المألوفة: في الحالات التي يستخدم فيها المالك حقه بطريقة غير مشروعه وبقصد الحصول على منفعة جادة ودون قصد الإضرار بالغير، ويقوم باتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات التي تفرضها القوانين واللوائح، ومع ذالك يتسبب هذا الاستعمال في إلحاق الأضرار بالجيران، فيسأل المالك عن هذه الأضرار متى جاوزت الحد المألوف وذالك استنادا إلى أن حق الجوار أصبح من الالتزامات القانونية التي تُفرض على حق الملكية وعدم الالتزام بها يرتب مسؤولية تجاه الجار.
تتميز مضار الجوار غير المألوفة، في أنها تيسر الأمور على المضرور؛ حيث يكفيه إثبات وقوع الضرر بصوره تتجاوز الوضع المألوف، وذلك بتجنب بعض الصعوبات التي يجدها عند الاستناد إلى أحكام المسؤولية التقصيرية حيث يلزم بتحديد المسؤول عن الضرر وإثبات خطئه.
ويستعمل قاضي الموضوع عند نظره في النزاع بتحديد مضار الجوار غير المألوفة ويستند في ذلك إلى العرف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة للآخر والغرض المخصص لها، ولا يخضع في ذالك لرقابة المحكمة العليا.
المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي في بعض الحالات الخاصة: توجد حالات خاصة مثل التلوث البحري بالزيت، حوادث المنشآت البترولية، حالات التلوث النووي. وهذا يستوجب إخضاعها إلى نظام خاص هو المسؤولية المركزة والموضوعية المحدودة وإنشاء صناديق خاصة بالتعويض.
وقد يواجه المضرور بعض الحالات، منها إعسار المسؤول أو غير المؤمن له ضد الأضرار البيئية، وقد يكون مؤمنا له ولكن توجد حالة من حالات عدم تطبيق أحكام عقد التأمين كما قد يكون التعويض ناقصا لا يغطي كامل الضرر. ومن ثم بدأ يظهر نظام التأمين الإجباري كأحد وسائل الضمان المالي لحماية البيئة بالإضافة إلى ظهور نظام صناديق التعويض في مجال البيئة.
وقد يكون المسؤول ليس شخصا طبيعيا وهذا يعني أن المسؤول قد يكون إحدى الدول وهو ما أدى إلى ظهور المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية.
أولا : المسؤولية المدنية عن الأضرار الناجمة عند حوادث التلوث البحري بالزيت: ينجم عن حوادث التلوث بالزيت وقوع أضرار بيئيه جسيمة. و قد أثبت الواقع العملي عدم كفاية القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية، وكذالك القواعد العامة في القانون البحري للتعويض عن هذه الأضرار.
و قد بدأ الاهتمام بالمسؤولية المدنية عند الأضرار الناجمة عن التلوث البحري بالزيت بعد حادثة tory canyon 18/3/1967 قرب السواحل الجنوبية لإنجلترا؛ حيث تسرب 80 ألف طن من الزيت ألف طن، وللتخفيف من آثار التسرب تم تفجير السفينة بأمر من السلطات البريطانية و إحراق 40 ألف طن أخرى، واستغلت السفن الأخرى الحادثة في تفريغ مياه الصابورة بمكان الحادثة.
و في 1969 جاءت اتفاقية بروكسل بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار الناجمة عند حوادث التلوث بالزيت(convention internationale de 1969 sur la responsabilité civile pour les dommages dus à la pollution par les hydrocarbures : C L C) والتي دخلت حيز النفاذ في 16/05/1975 وعدلت ببروتوكول 20/11/1992 الذي رفع الحد المسموح بتعويضه ووسع من نطاق تطبيقه. وتهدف الاتفاقية إلى تعويض مناسب للمتضررين بالتلوث الزيتي وتوحيد الإجراءات المطبقة على المسؤولية المدنية. وقد انضمت الجزائر للاتفاقية والبروتوكول و وظفتهما في تشريعها البيئي.
ويلاحظ أن الاتفاقية تتحدث عن السفن فقط و لم تذكر الأنابيب ولا الاستكشاف باعتبارها ملوثات بحرية.
أساس المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالزيت: هو أحكام اتفاقية بروكسل و بروتوكولها حيث فرضت نظام المسؤولية المركزة و حملت مالك السفينة المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن التلوث بالزيت، كما فرضت نظام المسؤولية الموضوعية ونظام المسؤولية المحدودة.
نظام المسؤولية المركزة: la responsabilité canalisée فرضت اتفاقية بروكسل على مالك السفينة المسؤولية المركزة في المادة 3 بقولها :" يكون مالك السفينة مسؤولا عن أية أضرار تحدث نتيجة وقوع الحادث بسبب أعمال الحرب أو ظاهرة طبيعية غير عادية أو نتيجة لفعل متعمد قام به طرف ثالث أو إهمال من حكومة أو سلطة أخرى في الصيانة البحرية"
والمالك قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا؛ وبالتالي يسهل على المضرور تحديد الشخص المطالب بالتعويض كما تقوم المسؤولية التضامنية لملاك السفن عند تسبب أكثر من سفينة في حدوث الضرر، وتلتزم السفينة التي تزيد حمولتها عن 200 طن بالتأمين عن حوادث التسرب.
ووفقا للاتفاقية لا يجوز مطالبة أي شخص بخلاف مالك للسفينة بالتعويض، كالمستأجر والمستغل، و لا يؤثر تركيز المسؤولية على شخص المالك في حقه على الرجوع على الغير إذا ارتكب خطأ وسبب الحادث مثل مشيد السفينة. كما يجوز للمضرور الرجوع على المالك إذا اثبت توافر الخطأ الجسيم من جانبه.
نظام المسؤولية الموضوعية la responsabilité objective: تقوم بقوة القانون وترتكز على المخاطر بدون الخطأ حيث يكون المالك مسؤولا بقوة القانون عن كل ضرر ناتج عن تسرب أو إلقاء زيوت استقلالا عند كل خطأ؛ وبالتالي لا يمكنه الدفع بعدم الخطأ. و لكن قد يتم إعفاؤه من المسؤولية إذا أثبت أن الضرر نجم عن الحرب أو ظاهرة طبيعة استثنائية لا يمكن تجنبها أو بسبب الغير أو وجود إهمال من جهات الصيانة. ويعفى أيضا إذا أثبت أن المضرور هو المتسبب عمدا في الضرر.
نظام المسؤولية المحدودة la responsabilité limitée: وهي مسؤولية بدون خطأ، فحتى لا تبقى المسؤولية غير محددة وجب وضع حد لها، وقد أجازت الاتفاقية لمالك السفينة بأن يحدد مسؤوليته عن الضرر بوحدات حسابيه خاصة بحيث لا يزيد عن حد معين. و لكن المالك لا يستفيد من نظام المسؤولية المركزة إذا ارتكب خطأ غير مغتفر وقصد إحداث الضرر، وينقسم الخطأ إلى : خطأ بسيط، خطأ جسيم، خطأ غير مغتفر وخطأ عمدي .
و الخطأ غير المغتفر ليس جديدا حيث ظهر في بروتوكول لاهاي المعدل لاتفاقية وارسو بشأن المسؤولية المدنية للناقل الجوي 1955، كما طبق في 1961 في اتفاقية بشأن المسؤولية المدنية للنقل البحري للركاب ثم في بروتوكول 1968 بشأن المسؤولية المدنية للناقل البحري للبضائع.
تأمين المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن التلوث البحري بالزيت: يوجد أنواع من التأمين، منها التأمين الاجتماعي؛ أي الحماية من المخاطر المهنية والذي تقوم فيه الدولة بدور فعال والتأمين خاص الذي تشرف عليه الدولة وتبين له القوانين ( التأمين على الأشخاص والتأمين على الأضرار ) وتأمين الأضرار تظهر فيه الصيغة التعويضية للتأمين حيث يمنح المؤمن له والغير المضرور من شركات التأمين، وهو تأمين لدين يتمثل في رجوع المضرور على المسؤول بالتعويض نتيجة حدوث خطر معين، وقد يكون تأمين أشياء أو تأمين مسؤولية
1- تأمين المسؤولية: عقد يلتزم بمقتضاه المؤمن بضاعة المؤمن له من رجوع الغير عليه بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطار المؤمن منها، وذلك بمقابل قسط يلتزم المؤمن له بدفعه؛ وهذا التأمين يؤكد مسؤولية المؤمن له .
خصائص تأمين المسؤولية :
أ- الصفة التعويضية له، حيث يلزم المؤمن بدفع التعويضات.
ب- نظام إجباري في معظم الحالات
ت- معين الأخطار وغير محدد الأضرار حيث يوجد حالات لا يتم فيها تحديد مبلغ التأمين سلفا، كما يجوز تحديد الأشخاص الذين لهم الحق في تحديد المسؤولية، وكذا الديون التي يجوز فيها تحديد المسؤولية، و لا يجوز فيه تحديد نطاق المسؤولية وحالات الإعفاء ووضع حدود قصوى له حتى ولو زادت الأضرار.
*ملاحظة: المضرور بيئيا المستفيد من التأمين غير محدد سلفا هل هو شخص طبيعي أو معنوي أو مالك السفينة.
2- نظام التأمين الإجباري عند ضرر التلوث بالزيت: فرضته اتفاقية بروكسل على ناقلات الزيت بهدف تحقيق مصلحة المضرور في الحصول على تعويض، برفع دعوى مباشرة على المؤمن وهذا يتواءم مع المسؤولية الموضوعية. جاء فيه أن كل مالك لسفينة تتجاوز حمولتها 200 طن من الدول الأعضاء يلزم بتقديم تأمين أو أي ضمان مالي بالمبالغ المحددة لتغطية الضرر في حالة حدوثه. ونص على ذلك القانون الجزائري في المادة 58 من القانون 03-10 بقولها:" يكون كل مالك سفينة تحمل شحنة من المحروقات تسببت في تلوث نتج عن تسرب أو صب محروقات من هذه السفينة مسؤولا عن الأضرار الناجمة عن التلوث وفق الشروط والقيود المحددة بموجب الاتفاقية الدولية حول المسؤولية المدنية عن الأضرار الناجمة من التلوث بواسطة المحروقات".
ويتضمن التأمين الإجباري شهادة تقديم الضمان التي يجب أن تكون سارية المفعول وتغطي جميع الأضرار والتعويضات بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، وتصدر الشهادة من دولة السفينة العضو، إضافة إلى ضمان بنكي أو شهادة من صندوق دولي للتعويض أو أي ضمان آخر. و شهادة التأمين تمنحها الدولة ومدتها 3 أشهر وتحمل بيانات السفينة ومالكها ونشأتها وكذالك المعلومات حول المؤمن بلغة الدولة ويضاف إليها الترجمة باللغة الفرنسية أو الإنجليزية، و يحتفظ بالشهادة على ظهر السفينة وصورتها لدى الجهات المختصة، والسفينة التي لا تملك هذه الشهادة تمنع من الملاحة. ويحق للمضرور المطالبة بالتعويض مباشرة من شركة التأمين سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا خلال مدة 3 سنوات من يوم حدوث الضرر و 6 سنوات من يوم حدوث الفعل وإذا كان الفعل مستمرا فيحسب من أول مرحلة من مراحله.
المحكمة المختصة: هي التي يقع في دائرة اختصاصها الضرر بغض النظر عن جنسية الأطراف أو محل إقامتهم. كما أن التعويض في حالات لا يكون كاملا إذا أعفى المالك من المسؤولية، أو عندما تتجاوز الأضرار مبلغ التعويض، وبالتالي فإن صناديق التأمين هي التي تمنح المضرور تأمينا كاملا.
صناديق التعويض عن الضرر البحري بالتلوث بالزيت: عقد مؤتمر دولي في الفترة الممتدة بين 22/11 إلى 18/12/1971 نتج عنه اتفاقية دولية لإنشاء صندوق دولي لتأمين أضرار التلوث البحري بالزيتLes Fonds internationaux d'indemnisation pour les dommages dus à la pollution par les hydrocarbures FIPOL والتي دخلت حيز النفاذ في 16/10/1978 ويشترط أن يكون أعضاؤها من أطراف اتفاقية بروكسل 1969 وعدلت FIPOL ببروتوكول 27/11/1992 الذي دخل حيز النفاذ في 30/05/1996 وتضمن التعديل رفع الحد الأقصى للمبالغ التي يدفعها الصندوق، وهدفه توجيه موارد الصندوق لتغطية تكاليف إزالة التلوث وتعويض المتضرر.
أهمية إنشاء الصندوق: تكمن أهميته في منح التعويض عندما يتوفر لمالك السفينة سبب من أسباب الإعفاء أو عدم قدرته المالية على التعويض. كما يقوم بدور تكميلي في حالة تجاوز الأضرار الحد الأقصى للمسؤولية المدنية وفقا لاتفاقية بروكسل. ولا يتحمل الصندوق أي تعويض بسبب أعمال الحرب أو تسرب النفط من سفينة حربيه أو خطأ المضرور كليا أو جزئيا، بشرط أن يكون عمديا.
تمويل الصندوق: يكون بالاشتراكات المفروضة على مستهلكي النفط لأكثر من 150000 طن سنويا، وهذا الاشتراك يدفع مباشرة إلى الصندوق.
المسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن المنشآت النووية: حيث انتشرت المفاعلات والرؤوس النووية مع عدم كفاية القواعد العامة للمسؤولية المدنية؛ دفع بالمجتمع الدولي إلى وضع نظام خاص بهذا المجال، حيث بدأت الجهود الدولية في 1960 باتفاقية باريس، ثم اتفاقية فينا 1963، بالإضافة لاتفاقية النقل البحري للمواد النووية 1972 تحت إشراف المنظمة البحرية الدولية، ودخلت حيز النفاذ في 15 جويلية 1975 وتهدف إلى تحديد المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، وبموجب هذه الاتفاقية يكون الشخص القائم بالتشغيل مسؤولا عن الضرر الحادث أثناء النقل البحري لهذه المواد. و في 21/09/ 1988 تم الربط بين اتفاقيتي 1960 و 1963 ببروتوكول موحد دخل حيز النفاذ في 1992 من أجل تجنب النزاع بين الاتفاقيتين.
نلاحظ أن نصوص الاتفاقية متطابقتين وأن الاختلاف في النطاق الجغرافي الذي يطبق حسب كل اتفاقية حيث أن اتفاقية فينا عالمية واتفاقية باريس محدودة إقليميا. وأهمية هذه الاتفاقيات تكمن في ضمان تعويض الأضرار النووية وهي أضرار بيئية بالدرجة الأولى. وخاصة بعد حوادث بنسلفانيا 1979، اليابان 1981 بعد اصطدام غواصة نوويه أمريكية بسفينة يابانية. و حادثة تشرنوبيل بأوكرانيا 1986 .
أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن المنشآت النووية: نجدها في اتفاقيتي باريس و فينا والبروتوكول الملحق بهما. و فرضت هذه الاتفاقيات نظام المسؤولية المدنية المركزة حيث حملت المشغل ذلك، كما فرضت نظام المسؤولية الموضوعية، ونظام المسؤولية المحدودة .
1- المسؤولية المدنية المركزة: فعلى عاتق مشغل المنشأة المتسببة في الضرر؛ كل ضرر يلحق بالأشخاص أو الأموال وفي حال تعدد المسؤولين يلزم التضامن.
2- يجوز للمضرور في الحالات التي لا تطبق فيها أحكام هذه الاتفاقيات أن يوجه دعوى التعويض إلى أي شخص مسؤول حتى ولو لم يكن هو مشغل المنشأة ويكون لهذا الأخير الحق في الرجوع على مستغل المنشأة.
3- لا يؤثر تركيز المسؤولية المدنية على حق المشغل في الرجوع على الغير مرتكب الخطأ العمدي المسبب للضرر النووي.
ولعل الحكمة من فرض هذه المسؤولية هي تحديد المشغل من خلال الرخصة أو السجلات وهو ضمان فعلي للمضرور .
المسؤولية الموضوعية: أقرتها اتفاقيتي 1960 و 1963 حيث يكون المشغل مسؤولا بقوة القانون عن كل ضرر نووي بدون خطأ أثناء النقل، وبالتالي لا يجوز له طلب الإعفاء منها، ويعفى المضرور من إثبات الخطأ في حق المشغل ولكنه يلزم بإثبات العلاقة السببية، وهذا الإثبات للعلاقة يكون بين الضرر ونشاط المنشأة، أو نقل المواد إليها. وهذا الإثبات للعلاقة السببية يواجه صعوبات فنية معقدة بحيث أن الأثر طويل الزمن ويصعب تحديد وقت حدوثه. و قد حاول المشرع الفرنسي التغلب عليه حيث جاء النص في قانون 30/10/1968 في المادة 10 على إصدار لائحة تنفيذية تتضمن جدول يدرج فيه الأمراض والأعراض ذات الصلة بالإشعاعات النووية واعتباره قرينة إثبات قابلة للعكس. و الإعفاء يكون في حالة الحرب و الكوارث التي لا يمكن تجنبها. ولا يعتبر الحادث المفاجئ و الخطأ غير العمدي من أسباب الإعفاء من المسؤولية الموضوعية.
المسؤولية المدنية المحدودة: هي نتيجة منطقية لفرض الاتفاقيات لنظام المسؤولية الموضوعية لأنه عندما يتم فرض المسؤولية بشكل تلقائي ودون حاجة لإثبات الخطأ فإنه يجب وضع حد لهذه المسؤولية؛ وبالتالي يجوز للمشغل أن يحدد مسؤوليته عن هذه الأضرار بوحدات حسابيه خاصة. وقد حددت اتفاقية مارس 1960 الحد الأدنى لمبلغ التعويض بـ 5 مليون وحدة حسابية خاصة وحد أقصى قدره 15 مليون وحدة حسابية. أما اتفاقية 1963 فقد وضعت حد أدنى بـ 5 مليون دولار أمريكي أما الحد الأقصى فتركته للتشريعات الداخلية للدول الأعضاء في الاتفاقية. والملاحظ أن هذه المبالغ ضئيلة وغير متناسبة مع الضرر.
و في حالة عدم تمكن المشغل من التعويض تقوم الدولة بذلك وإذا تجاوزت القيمة الحد الأقصى فإنه يتم تعويض الأضرار الجسدية أولا ثم يوزع الباقي عليه حسب نسبة الأضرار.
نظام التأمين الإجباري للضرر النووي: فرضته الاتفاقيتين، أو أي ضمان مالي آخر لمنح الترخيص لممارسة النشاط النووي، و الهدف من هذا النظام تحقيق مصلحة المضرور. و في فرنسا يعاقب بالحبس والغرامة من لا يقدم هذه الضمانة. و نظرا لصعوبة الأخطار النووية استبعدت من التأمين، لذلك تم وضع وثيقة خاصة بالتأمين النووي في فرنسا ابتداء من 1993 وتغطى جميع الأضرار النووية، أما المنشأة النووية فهي خارجة عن نطاق تطبيق الاتفاقية.
حق المضرور في رفع دعوى مباشرة على شركة التأمين: حسب طبيعة الضمان خلال 10 سنوات من يوم الحادث، وطبعا هذه المدة قليلة بالنظر ألى طبيعة هذا النوع من الحوادث الذي قد يمتد ظهور أثره لمدد طويلة. أما في حالة علم المضرور فحددت بثلاث سنوات من يوم العلم، وفي حالة عدم قدرة المسؤول عن التعويض يتم اللجوء إلى صناديق التعويض.
صناديق التعويض: تقوم صناديق التعويض بتغطية المسؤولية المدنية النووية حسب اتفاقية 1960 وهي كافية للتعويض حيث تم تكملة الاتفاقية باتفاقية بروكسل 1963 والتي تم تعديلها ببروتكولي 1964 و 1982 وبذالك يتم منح تعويض تكميلي من الصندوق العام. حيث يتم التعويض بثلاث مراحل:
1- التعويض بحد أدنى قدره 5 مليون وحدة حسابية لتغطية عقد التأمين.
2- التعويض بحد أدنى قدره 175 مليون وحدة حسابية يدفعها الصندوق ويتم تمويله من طرف الدولة المتسببة في الضرر أي التي توجد المنشأة على إقليمها.
3- تعويض في حدود 300 مليون وحدة حسابية يدفعها الصندوق العام وتسهم فيه كل الدول الأعضاء.
أما تغطية المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية حسب اتفاقية 1963 فتم تكميلها باتفاقية تتعلق بالتعويض التكميلي عن الأضرار النووية في 12/09/1997
وبالنسبة للعضوية في هذه الاتفاقية فهي متاحة أمام أي دولة سواء كانت عضوا في اتفاقية النشاط النووي أم لا.
نشير أخيرا إلى أن نسب تمويل الصندوق تتفاوت حسب كمية الطاقة الذرية المملوكة للدولة وحسب ما تقدمه هذه الدولة للأمم المتحدة.
ويبقى موضوع المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية مفتوحا للبحث مع ضرورة تطوير القواعد القانونية لهذا النوع من المسؤولية وتعديل التشريعات البيئية بما يتناسب مع خصوصية البيئة و تفعيل دور الجمعيات المدنية. انتهى
- معلم: بلفــضل مــــــحمد