بوقوع الجريمة الجنائية ينشأ للمجتمع (أو للدولة) حق توقيع الجزاء الجنائي على مرتكبيها، ووسيلة الدولة في اقتضاء هذا الحق هي الدعوى العامة أو دعوى الحق العام. والدعاوى العامة هي النشاط الإجرائي أو مجموعة الإجراءات التي تمارسها النيابة العامة باسم المجتمع أمام الجهات القضائية المختصة لإثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى مرتكبها والتي قد تنتهي بصدور حكم فاصل في الموضوع يقضي بالجزاءات المنصوص عليها قانونا، وتسمى هذه الدعوى بالدعوى العمومية نصت عليها المادة الأولى مكرر من ق إ ج التي تقضي: ( الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء أو الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون ) . وهي تهدف إلى حماية المجتمع في أمنه واستقراره وسكينته التي هددتها الجريمة فألحقت بها الأذى، وذلك بتوقيع الجزاء القانوني.

يحتوي هذا المقرر على محورين :

الاول : الضبطية القضائية تشكيلة ، الاختصاص ، الاختصاصات 

الثاني : النيابة العامة : المفهوم ، الخصائص، وتصرف النيابة في الدعوى العمومية 

تعتبر الإجراءات الجزائية مجموعة من القواعد الشكلية التي تهدف إلى قمع الجريمة ومتابعة المجرمين. وتهتم بالبحث ومعاينة الجريمة، وجمع الأدلة حولها، كما تهدف إلى تنظيم السلطات والمحاكم الجزائية وتبيان الأشكال والطرق الواجب اتخاذها أمام هذه السلطات والجهات القضائية .
 فهي تبين كيفيات السير في الدعوى الجزائية ابتداء من وقوع الجريمة إلى غاية صدور الحكم الجزائي وطرق الطعن فيه. ومن هنا فإن الإجراءات الجزائية تحتل مركزاً هاماً في النظام القانوني ويبين ذلك من ميزتين أساسيتين: 
1- إن الإجراءات الجزائية لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة لقانون العقوبات فالمجرم لا يمكن أن تطبق بشأنه أي عقوبة بشكل تلقائي لمجرد أنه ارتكب الجريمة. بل يقتضي الأمر إتباع إجراءات محددة منصوص عليها في القانون للحكم بإدانته.
2- على خلاف الإجراءات المدنية التي غالباً ما يتضمن موضوع النزاع المطالبة بتعويضات مالية، فإن موضوع النزاع في الإجراءات الجزائية يتعلق بمصلحة المجتمع التي مس بارتكا الجريمة من جهة وبشرف وحرية وأحياناً حياة الفرد من جهة أخرى. إذاً فقانون الإجراءات الجزائية يرعى مصلحتين:
مصلحة المجتمع في معاقبة المجرم نظراً لاعتدائه على أمن واستقرار المجتمع، ومصلحة المتهم في ضمان حقه في الدفاع عن نفسه حتى يتمكن من إثبات براءته.
وهو بذلك يهدف للوصول إلى الحقيقة، دون التعدي على الحرية الفدية للإنسان وفي هذا المعنى يقال. بأن قانون العقوبات هو قانون المجرمين بينما قانون الإجراءات قانون الشرفاء.