تعتبر نظرية الإثبات من أهم النظريات القانونية وأكثرها تطبيقا في الحياة العملية أمام القضاء، بل هي النظرية التي تطبقها المحاكم كل يوم فيما يعرض عليها من دعاوى قضائية. وذلك بأن الحق الذي لا يمكن إثبات مصدره يعتبر مجردا من قيمته وقد قيل في هذا الصدد: "الدليل قوام الحق" "ما لا دليل عليه هو والعدم سواء" "يستوي حق المعدوم وحق لا دليل عليه" "الدليل هو الذي يحي الحق" "الدليل قوة الحق"... والإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء وبالطرق التي حددها القانون على وجود تصرف أو واقعة يترتب على ثبوتها آثارا قانونية.
ونظرا لأهمية الإثبات فقد إهتمت مختلف التشريعات بتنظيم أحكامه وتحديد طرقه، كما إهتمت مختلف الجامعات بتدريسه لطلبة الحقوق ومنها ما هو مقرر لطلبة الليسانس في الحقوق ضمن القانون الخاص من خلال مقياس طرق الإثبات وطرق التنفيذ.
وسوف نتناول في هذه المحاضرات المبادئ العامة التي يقوم عليها الإثبات في المواد المدنية وإلى طرق الإثبات المحددة قانونا بموجب الأمر75/58 المؤرخ في 25/09/1975 المتضمن للقانون المدني المعدل والمتمم والقانون رقم 08/09 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية وهذا ضمن بابين يسبقهما فصل تمهيدي نتعرض فيه لتعريف الإثبات وأهميته وإلى المذاهب التي يقوم عليها نظام الإثبات في المواد المدنية، ونتعرض في الباب الأول إلى المبادئ العامة للإثبات ونخصص الباب الثاني لطرق الإثبات الكلاسيكية منها والحديثة.