القسم الخاص في قانون العقوبات ما هو إلا التنظيم التفصيلي والموضوعي للقسم العام الذي يمهد ويرسي المبادئ الأساسية التي تخضع له كافة الجرائم ، بل إنه لا يقف عند حد تطبيق القسم العام ؛ إذ يتولى بيان الحق أو المصلحة التي يحميها القانون في كل نص تجريمي ( الحياة – سلامة الجسد – الشرف والاعتبار )
بالنظر إلي تعدد المصالح والحقوق التي تكفل القانون الجنائي بحمايتها ، والحق بصفته تجريدا قانونيا ، ليس مرادفا للموضوع المادي الذي ينصب عليه الفعل الإجرامي ، وهو مصلحة أو قيمة قدر المشرع جدارتها بالحماية الجنائية ، فعلى سبيل المثال الحق المعتدى عليه في جريمة القتل ليس الجسد الحي ( الموضوع المادي الذي انصب عليه الفعل ) بل الحق في الحياة . والحق المعتدى عليه في جريمة السرقة ليس المنقول المملوك للغير بل حق الملكية ، وبذلك نسعى إلي حماية الحق في الوجود الإنساني ذاته .
وعلى هذا الأساس تم التمييز بين الجرائم المضرة بالمصلحة العامة والجرائم المضرة بالإفراد ، والعبرة في التمييز بالحق الذي لحقه الضرر جراء ارتكاب الجريمة ، فإذا نسب إلي شخص أو أشخاص معينين بالذات جرائم ؛ كالاعتداء على الحياة أو سلامة الجسد أو العرض والشرف والاعتبار أو المال ، فهي تصنف من قبيل الجرائم المضرة بالإفراد ؛ لأنها تمس وجود الإنسان باعتباره فردا أو جرائم الأموال متى لحق الضرر الذمة المالية ، أما إذا مس الاعتداء مصلحة المجتمع وهدد استقراره وأمنه ، فإن الجريمة تعد من قبيل الجرائم المضرة بالمصلحة العامة ، ومن صورها الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والداخلي أو نزاهة الوظائف العامة ، مع مراعاة أن الجرائم المضرة بالأفراد تضر بطريق غير مباشر بالمصلحة العامة ؛ لأن المجتمع يؤمن حقوق الأفراد الأساسية ، وتصاب مصلحته بالضرر إذا لم يتمكن الأفراد من التمتع بحقوقهم ، علاوة على ما يتكبده المجتمع من تكاليف باهظة للعدالة الجنائية تنتقص من حق الإنسان في التنمية وعليه فإن تقسيم الجرائم يعتد فقط بالضرر المباشر الذي تتعدد صوره وأشكاله بحسب الحق الذي ناله الضرر .

- Teacher: Mohamed Amine Bekkouche