هناك شيء يسمى المصطلح هو موضوع النظرية، ومن غير النظرية لا نعرف ماهو المصطلح، ولا كيف نتعامل معه، والمصطلح عرّفه الشريف الجرجاني هو: " اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد نقله عن موضعه الأول لمناسبة بينهما أو مشابهة في وصف أو غيره".  والمتتبع لتاريخ المصطلحات يجد نفسه أمام مجال واسع ضارب بجذوره في التاريخ الممتدّ في الثقافتين الإغريقية والعربية، فالعرب قد ظهرت حركة تناول المصطلح عندهم مع النّحاة، وهذا في القرن الأول الهجري، للحاجة إلى إصلاح اللسان من اللحن، على يد علي –رضي الله عنه- وتلميذه أبوا الأسود الدؤلي، وتتابعت الاهتمامت في مجالات كثيرة ، كعلم البلاغة والعروض والفقه، وعلم الحديث وغيره، وبذلك عرف مجال النقد منذ القديم حركة مصطلحية واسعة، بفعل جهود النقاد الذين سعوا جاهدين للتأسيس لمنظومة اصطلاحية خاصة بمجال النقد، تميّزه عن غيره من علوم اللغة الأخرى، هذه الحركة الاصطلاحية بدأت بمحاولات فردية مؤصّلة مؤسّسه، ثم ما لبثت أن أخذت طابع الإجماع عن طريق النقل والتفسير، لتتوحّد في النهاية أسبابها العلمية، ومسوّغاتها الخاصة المناسبة لتيار  المعرفة النقدية السائدة، فأخذ المصطلح النقدي هويّة علمية وإبداعية خاصة، حفظت للوظيفة النقدية علميتها، وللوظيفة القرائية مصداقيتها الإبداعية.

   أمّا في الاصطلاح النقدي العربي الحديث والمعاصر  فيمكننا القول أنّها حركة اصطلاحية منسلخة من هويتها العلمية والإبداعية، لأسباب ابتعادها عن البيئة المؤطرة للمصطلح النقدي، وهي بيئة وليدة الفكر الغربي المتشبّع بخصوصية ثقافية هي وعاؤها التي تنضح منه. وبدوري في هذه الحصص التطبيقية، تفعيل الإجراء العملي لنصوص نقدية (تراثية أو معاصرة) في طيّاتها مصطلحات نقدية،  محاولين استنباطها، مع تقديم شرح يستوفي الرؤية التي هي مراد صاحبها.