المبحث الخامس/-منهج دراسة الحالة :
المطلب الأول/- تعريف المنهج:
يطلق عليه في فرنسا La Méthode Monographique، وهو يعني وصف و دراسة لوحدة محددة مثل دراسة هيكل تنظيمي لمؤسسة، أو دراسة ظاهرة الاجرام عند الصبية و هو حالة يتعذر علينا أن نفهمها، أو يصعب إصدار الحكم عليها نظرا لوضعيتها الفريدة، فيمكننا التركيز عليها بمفردها، بجمع البيانات و المعلومات المتعلقة بها، و نقوم بتحليلها و التعرف على جوهر موضوعها، ثم نتوصل إلى نتيجة واضحة بشأنها.
فقد عرفه "فيرتشايلد" بأنه" عبارة عن دراسة متعمقة لنموذج واحد أو أكثر لعينة، يقصد منها الوصول إلى تعميمات و إلى ماهو أوسع عن طريق دراسة نموذج مختار".
وهناك من يعرفه على أنه منهج لتنسيق و تحليل المعلومات التي يتم جمعها عن الفرد و عن البيئة التي يعيش فيها، بهدف الوصول إلى فهم أعمق للظاهرة المدروسة.
هاته البيانات التي يتم جمعها تمثل الوضع الحالي للظاهرة و كذلك ماضيها و علاقتها.
كما يرى الفقيه Allport أن عناصر هذا المنهج هي: وصف حاضر للحالة، مع سرد المؤثرات السابقة، و إشارة للعلاج المستقبلي.
و الحالة التي يتم اختيارها حسب رأيه تقسم إلى عدة أنواع بالنظر إلى واقعيها،حالة واقعية و أخرى وهمية، من حيث الحجم، حالة طويلة و أخرى قصيرة ،من حيث مضمونها،حالة تاريخية و حالة تقويمية، و من حيث تركيبتها حالة تسلسلية، حالة عنقودية ،من حيث أسلوب عرضها، حالة مكتوبة و حالة مرتجلة، حالة تقمص الأدوار، حالة سمعية و بصرية.
المطلب الثاني/-خطوات منهج دراسة الحالة
1/- اختيار الحالات التي تمثل المشكلة المدروسة، باعتبارها حالات نموذجية دقيقة شاملة كافية و ليس حالات من الموضوع العام ككل.
2/- جمع المعلومات و تدقيقها،يمكن الرجوع إلى السّجلات، المهم التأكد من صّحتها و صّدقها، ثم تنظيمها و التنسيق بين عناصرها.
3/- وضع الفرضيات، و التي هي بمثابة التشخيص الأولي للعوامل التي تسبب المشكلة المدروسة.
4/- اقتراح نوع المعالجة، على ضوء الظروف البيئية التي تساعد على نجاح العلاج.
5/-المتابعة و الاستمرار، أي مراقبة الباحث لاستجابة الفرد للعلاج.
ولكي تكون دراسة الحالة فعالة يجب أن يكون الباحث قد تدرب تدربا جيدا في مجالات عديدة كعلم النفس و علم الاجتماع، و إذا كانت دراسة الحالة واقعة على فرد فيجب أن تتصف بالسّرية التامة فلا يطّلع على المعلومات الخاصة بالفرد إلا الباحث.
المطلب الثالث/- تطبيقات منهج دراسة الحالة :
يستخدم هذا المنهج حتى في حياتنا اليومية، و كذا العملية فالعلمية في حياتنا عند اختيارنا للصديق، فإننا ندرس سلوكه الحالي و السابق، أما في حياتنا العملية كالطبيب الذي يقوم بدراسة حالة المريض للتعرف على مدى تطور حالته الصحية السابقة و كذا صلته بالمرضى.
في حياتنا العلمية عند دراسة حالة الأسرة الفقيرة و التي تحتاج إلى مساعدة، عند دراسة حالة الطفل المنحرف و الذي يحتاج إلى توجيه، عند دراسة حالة الإرهاب بالنظر إلى الأسباب و التي لها أثر في ضرب وحدة الأوطان (فرجل القانون في الجزائر مثلا يقوم بدراسة قانون الوئام رقم 99/08).
ولهذا نستطيع القول أن هذا المنهج هو وسيلة فعالة لدراسة المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية، بطريقة تحليلية استكشافية للأسباب و العوامل التي لها أثر في كيان وحدة الموضوع.
المطلب الرابع/--خصائص منهج دراسة الحالة
1/- ذو طابع عميق لدراسة الحالة، إذ لا يكفي الوصف الخارجي (الظاهري)، بل التعمق في وصف الحالة.
2/- يتميز بالتركيز على موضوع معين (فرد، مؤسسة، نظام، دولة، قانون...)
3/-ينصب على دراسة الوحدات الاجتماعية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بحيث تصبح هاته الأخيرة جزء من الحالة، فمثلا إذا كانت الدراسة منصبه على الجماعة المكونة للمجتمع، فإن الفرد يعتبر بمثابة إجراء أو عامل أو موقف داخل الحالة.
4/-يهدف إلى تحديد مختلف العوامل المؤثرة على الوحدة، و الكشف عن علاقات السببية القائمة بين الأجزاء الظاهرة.
المطلب الخامس/-تقييم منهج دراسة حالة
الفرع الأول/-مزايا منهج دراسة الحالة :
1/- لا يكتفي الباحث بوصف الجوانب السطحية للظاهرة، بل لابد له النفاذ إلى أعماق الظاهرة، و صياغة الفرضيات، التي تستدعي المزيد من الملاحظة و استخدام كل الطرق و الوسائل الموضوعية الدقيقة في جمع المعلومات و تفسيرها للوصول إلى النتائج و ربطها بالعوامل المختلفة التي أدت إليها.
2/-يعتبر هذا المنهج وسيلة تطوير لمدارك و قدرات الباحث العلمي عن طريق التمحيص و التمعن و مناقشة حالات حية غالبا، و تصور حلولا لها، و من ثم اقتراح حل مرجح للتنفيذ.
الفرع الثاني/-عيوب منهج دراسة الحالة :
1/-صعوبات ترجع إلى الباحث نفسه، إذا ما قام بعملية التفسير وفقا لميوله و مشاعره الخاصة و كذا معتقداته.
2/ -صعوبة تحديد مدى صدق المعطيات و تفسيرها.
3/-يقوم هذا المنهج على حالة واحدة مفردة، تكون مكلفة جدا من ناحية المادية.
- Enseignant: قاصـــــدي فا يــــزة