محاضرات
القواعد الفقهية الكبرى في الشريعة الاسلامية
توطئة:
إن القواعد الفقهية ؛ هي أصول ومبادئ كلية في نصوص موجزة تتضمن أحكاماً تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها. ولهذا نجد ان الفقه مبنيٌ على قواعدِ خمسٌ هي الأمور بالمقاصد ِ بمعنى ان الفقه مبنيٌ على قواعد كلية أو أغلبية، والقاعدة في اللغة: الأساس، وفي الاصطلاح: حكم أغلبي تندرج تحته جزيئات كثيرة.
والفرق بين أصول الفقه وقواعد الفقه؛ أن أصول الفقه هي الأحكام الكلية التي يُستدل بها لاستنباط الأحكام الجزئية، وقواعد الفقه هي الأحكام العامة التي تجمع المسائل المتشابهة من الأحكام الجزئية.[1]
وأشهر كتب القواعد الفقهية: قواعد ابن رجب الحنبلي- والأشباه والنظائر للسيوطي الشافعي- والفروق للقرافي المالكي- والأشباه والنظائر لابن نُجيم الحنفي. بل بعضهم قد رجع الفقه إلى قاعدة ٍ واحدة ٍ مكملا وهي اعتبار الجلب للمصالح ِ والدرء للمفاسد ِ القبائح[2]
و قد صاغ الفقهاء قواعد كثيرة بعبارات موجزة تدخل تحتها فروع كثيرة من أبواب مختلفة من الفقه، وألفوا فيها كتباً كثيرة ومن هذه القواعد خمس قواعد متفق عليها، وقصرها بعضهم على أربعة فقط، وهي التي سنذكرها -إن شاء الله تعالى، في هذه المحاضرات بشيء من التفصيل والايجاز في نفس الوقت ، وحسب الضرورة العلمية والبرنامج المحدد من الجهة الوصية؛ وهذه القواعد هي موضحة على النحو التالي:
القاعدة الكبرى: قاعدة اليقين لا يزول بالشك
نقول : اليقين لا يزال بالشك؛ والأصل في هذه القاعدة ما جاء في الصحيحين وغيرهما من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ قال: لا، حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. وهذه القاعدة بها خمس مسائل:
Ø المسألة الأولى:
معناها:اليقين هو الجزم وطمأنينة القلب على الشيء، والشك هو التردد بين وقوع الشيء وعدمه، والمراد أن الأمر المتيقن لا يرتفع إلا بدليل قاطع ٍ، ولا يُحكم بزواله بمجرد الشك.
Ø المسألة الثانية:
من صيغها: قولهم: ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين.
Ø المسألة الثالثة:
من أدلتها:قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ [3]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا وجد أحدكم في بطنه شيء أشكل عليه أخرج منه شيء أولا فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا ".[4]
Ø المسألة الرابعة:
من أمثلتها:
ü لو شك أصلى ثلاثًا أم أربعًا جعلها ثلاثًا.
ü وإذا تيقن من وقوع النكاح وشك في وقوع الطلاق فالأصل بقاء النكاح.
Ø المسألة الخامسة:
من فروعها نجد:
ü الأصل بقاء ما كان على ما كان: فالمتطهر إذا شك في الحدث فهو باق ٍ على طهارته.
ü الأصل براءة الذمة: فمن ادعى على غيره دينًا لم يثبت إلا ببينة.
ü الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة: فكل شيء مباحٌ طاهرٌ إلا لدليل صارف عن الأصل.
قال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه الأحكام: العلم اليقين، ولما تعذر في أكثر الصور أقيم الظن مقامه لقربه منه وبقي الشك ملغى على الأصل. ومن فروع هذه القاعدة: لزوم البناء على اليقين لمن شك أصلى ثلاثا أو أربعا؟ لأن الأربعة وجبت بيقين ولا تبرأ الذمة إلا بيقين، ولهذا قلنا: اليقين لا يرفع بالشك. ومن فروعها: لزوم البينة على المدعي.
قال الولاتي: وهذه القاعدة تشتمل على قاعدة العمل باستصحاب الأصل، وتندرج تحتها قاعدة: إلغاء الشك في المانع، واعتباره في المقتضي الشرط.[5]
ملاحظة:
اي استفسار او اي غموض او لبس بخصوص الدرس، يرجى التواصل معنا عبر الايمايل الموجود اسفل. المحاضرة. و بالتوفيق لجميع الطلبة دون استثناء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اولى جذع مشترك حقوق.
استاذ المادة المحاضر: د. محمد مبخوتي.
mohamed.mebkhoti@univ-tiaret.dz
[1]- يوسف القرضاوي ، الاجتهاد المعاصر – (د ط)، ،دار التوزيع والنشر الإسلامية ، 1414 هـ.1994 م، ص89.
[2]- أبو زهرة ، أصول القفه ، ط 1377 هـ .1957م،ص125.
[3] - سورة يونس الآية رقم: 36.
[4] - الحديث ، رواه مسلم.
[5] - انظر؛ فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله 1/93، 94.
- Enseignant: Mohammed MEBKHOUTI
ملخص المحاضرة الاولى و الثانية والثالثة
مدخل تمهيدي حول ماهية الشريعة الاسلامية والفقه الإسلامي.
توطئة:
في هذا المحور من المحاضرة نحاول الوقوف على اهم المفاهيم والمصطلحات، التي تساعدنا على فهم معنى ومغزى الشريعة الاسلامية، من الجانب اللغوي، والجانب الاصطلاحي الفقهي، معرجين في ذلك على تأصيل معنى الفقه في اللغة والاصطلاح، ثم في الفقه الاسلامي، موضحين كذلك معنى الاجتهاد في الفقه الإسلامي، ثم تعريف الاجتهاد، ومن خلاله نستخلص شروط الاجتهاد، ثم اهم الأسباب التي تؤدي الى اختلاف العلماء فيما بينهم. لنختتم المحاضرة هذه بمجالات وموضوعات الشريعة الاسلامية؛ كل هذا موضح على النحو التالي؛
محاور المحاضرة:
اولا: مفهوم الشريعة والفقه في اللغة:
لغة تعرف الشريعة لغويا: من اصل؛ شَرَّعَ مَشْرَعَةَ الماء. وهو مَوٍرِدُ الشَّارِبَةِ. وسميت بذلك لوضوحها وظهورها[1]
01- تعريف الشريعة في الاصطلاح:
الشريعة في الاصطلاح؛ هي ما شَرَّعَ اللهُ لعباده من الدين، وقد شَرَّع لهم يشرِّع شرعًا؛ أي سن. والشارع: الطريق الأعظم.
وشرَّعَ المنزلَ: إذا كان بابه على طرق نافذ. وشرعت في هذا الأمر شروعًا؛ أي خضت. وشَرَعَتِ الدوابُّ في الماء، وتشرع شرعًا؛ إذا دخلت.
ولها معاني كثيرة نلخصها في هذه المحاضرة، كما هو مبين على النحو التالي؛
· اما معنى الشرعة، يقصد منها الشريعة؛ ومنه قوله سبحانه وتعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا"[2].
· اما معنى الشراع أيضًا؛ فهو شراع السفينة. قالوا للبعير إذا رفع عنقه: قد رق شراعه[3]
· والشريعة هي؛ ما شرع لعباده. والظاهر المستقيم من المذاهب كالشرعة بالكسر فيها، والعتبة مورد الشاربة، والشِّرع؛ بالكسر: شراك النعل[4].
· والشُّراعية ؛ الضم مع كسر، هي الناقة طويلة العنق؛ والناس شرع واحد[5].
· و الإشراع؛ الأنف الذي امتدت أرنبه[6].
خلاصة:
وفي الاخير نصل الى خلاصة مفادها ان؛ الشريعة الإسلامية في الاصطلاح؛ هي ما شرعه الله لعباده من "العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات ونظم الحياة في شعبها المختلفة لتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة"[7].
هذا ما سنقتصر عليه في هذا الملخص للمحاضرتين السابقتين، فيما تعلق بماهية الشريعة الاسلامية والمفاهيم المتصلة بهذا المعنى، والعلاقة الموجودة بينها وبين مصطلح الفقه الاسلامي، واوجه استعمالاته، وهذا تذكيرا لمن حضر وكتب معنا المحاضرتين السابقتين، وكذا تسهيلا وافادة لمن لم يكن حاضرا معنا.
وسنحاول ان نوافيكم بملخصين كذلك للمحاضرة الثالثة والرابعة والخامسة، بنفس الطريقة وهذا تسهيلا للمتابعة والمواصلة، وتذليلا لأي صعوبات قد تعترض الطالب.
ملاحظة: اي استفسار او اي غموض او لبس يرجى التواصل معنا عبر البريد الالكتروني الموجود اسفل المحاضرة
بالتوفيق لجميع الطلبة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اولى جذع مشترك حقوق.
استاذ المادة المحاضر: د. محمد مبخوتي.
mohamed.mebkhoti@univ-tiaret.dz[1]- المصباح المنير، ص 257 وما بعدها، ص 247 وما بعدها، المغرب، د س ط.
[2]- سورة المائدة، الآية رقم: 48.
[3]- إسماعيل بن حماد الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية، ج2، ص957.
[4]- محمد يعقوب الفيروز آبادي ، القاموس المحيط، ، ص946 وما بعدها.
[5]- محمد يعقوب الفيروز آبادي ،المرجع السابق ، ص946 وما بعدها.
[6]- محمد يعقوب الفيروز آبادي ، المرجع السابق، ، ص946 وما بعدها.
[7]- مناع خليل، وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.ص9.
- Enseignant: Mohammed MEBKHOUTI