لمحة تاريخية على العقار الصناعي في الجزائر

        يكتسي منح الامتياز أهمية بالغة بالنسبة للمستثمرين ، الذين يبدون رغبتهم في انجاز المشاريع ، من أجل استثمار رؤوس أموالهم و كفاءتهم و قدراتهم ، و لاسيما إذا تمكنوا من دراسة جدوى المشروع ، و لا يتأتى ذلك إلا من خلال معرفتهم بطبيعة المنطقة التي ينجز عليها المشروع من شأن ذلك تسهيل الإدارة العمومية الحصول على ملك عقاري موجه للاستثمار و الحد من صعوبة الحصول عليه إن  لم نقل انعدامه ، و الحقيقة أن المشكل لا يكمن في ذلك ، إنما في الجهة التي توفر هذا المورد الضروري و الكيفية التي تمكن المستثمر من استغلال المشروع على أكمل وجه ، حيث أن الأملاك العقارية تعد موردا لا غنى عنه في أي مشروع استثماري  فهو مطلوب كثيرا و لا يمكن الاستغناء عنه ، لهذا نجد إقبال كبير للمستثمرين على الملك العقاري  و من أجل اقتناءه من أصحابه لا نجد الوفرة عند الخواص و المساحة الكافية أو بأثمان جد مرتفعة ، و نجد الوفرة عند الدولة . و مرد ذلك هو أن القوانين السابقة كانت تبيع الوعاء العقاري بالدينار الرمزي ، مما خلق فئة من الطفيليين أو مستثمرين وهميين ، بالرغم من اعتماد الامتياز في سنة 1993 بموجب المرسوم التـــــشريعي رقم 93 _12 الذي ينص على إمكانية التنازل ، و كرس المشرع الجزائري منح الامتياز و التنازل بموجب الأمر رقم 06_11 ، غير أن الوضع بقي على حاله ، و هو مزاحمة المستثمرين الوهميين للمستثمرين الحقيقيين لتحقيق أغراض مادية لا علاقة لها بانجاز مشروع استثماري .

     أقرت الدولة الأمر رقم 08_04 المعدل للامر06 _11 و كرست الامتياز مع إلغاء التنازل ، و تبقى الدولة مالكة للوعاء العقاري ( الأرض ) حتى و لو قام المستثمر بالبناء عليها حيث يملك البناية فقط و يمكن له التنازل عليها بعقد موثق لمستثمر جديد . 

    عرفت الجزائر نهضة تنموية سنوات السبعينيات من القرن الماضي ، حيث كانت تنتهج الاقتصاد الاشتراكي الذي يوصف بأنه اقتصاد مخطط ، و الدولة تلعب فيه  دور المتعامل الاقتصادي .

   أنشأت الدولة الجزائرية مؤسسات اقتصادية تماشيا مع النهج الاشتراكي ، و ركزت على الاستثمار العمومي الصناعي ، حيث اكتسبت قاعدة صناعية التي يمكن أن نعتبرها تجربة و مكتسبات هامة و الحد من التبعية الأجنبية و امتصت البطالة ، غير أنه ظهر سوء التسيير و الإهمال .

   و عليه فتحت الدولة المجال للاستثمار الخاص و الأجنبي على مصراعيه ولم تفرق بينهم تماشيا مع تخليها عن النهج الاشتراكي و إقرارها اقتصاد السوق بموجب دستور 23 فبراير 1989 ، حيث وضعت قانون الاستثمار جديد في سنة 1993 الأول في ظل اقتصاد السوق ، الذي أقر بمنح الامتياز مع إمكانية التنازل     و بقي الأمر هكذا حتى سنة 2007 ، حيث عدل القانون وكرس عقد الامتياز مع إمكانية التنازل ، لكن هذه الفترة استغلها مستثمرين وهميين همه الوحيد الحصول على العقار لأغراض ليس لها صلة بالمشروع الاستثماري  كما تميزت هذه الفترة في إشكالية الجهة المانحة للامتياز . و كان المستثمرين الحقيقيين يشتكون من انعدام العقار الصناعي الذي يعتبر أهم مورد للمؤسسة الصناعية .

        يكتسي تطوير الاستثمار أهمية بالغة في استقطاب شريحة معتبرة من المستثمرين الحقيقيين و ليس الوهميين حيث استغلوا  القوانين المحفزة للاستثمار في بيع الأراضي لفائدة بالدينار الرمزي لأغراض المصلحة الخاصة ليس لها صلة بالاستثمار ، و كانت الدولة تأمل في إنجاز أقطاب استثمارية هامة من شأنها يخفف على الدولة عناء المردود السلبي للمؤسسات العمومية الاقتصادية ماعدا القليل منهم ، ومن جهة أخرى خلق مناصب شغل لفائدة البطالين أو المسرحين من هذه المؤسسات تطبيقا لمبادئ اقتصاد السوق الذي أقره الدستور الجزائري سنة 1989 .

       الجانب الآخر هو احتجاج المستثمرين في عدم وجود العقار الموجه للمشاريع الاستثمارية نتيجة عدم تهيئته أو غلائه ، أو عدم وجوده أو بعده عن المواد الأولية ، مما أدى بالمستثمرين إلى عدم التحمس لانجاز استثمارات .

   و الحقيقة أن العقار الاقتصادي موجود لكن كيفية استغلاله و طبيعته و الجهة المسيرة له هو العامل الذي أدى بالمستثمر بتحجج بصعوبة انجاز مشاريع استثمارية ، واعتبروا  أن  قانون الاستثمار لم يتجاوب معهم .

    لذلك بادرت السلطات العمومية  لوضع حد لأزمة العقار الموجه لانجاز مشاريع استثمارية ، بتعديل الأمر رقم 06_11 ، بالأمر رقم 08 _04 الذي ألغى تماما التنازل ،  اقتصر فقط على منح الامتياز بالمزاد العلني أو منح الامتياز بالتراضي ، لغلق الباب على المستثمرين الوهميين الذين يطمعون في الحصول على العقار لاكتسابه فقط .

و قامت بإنشاء وكالات تمثل الدولة  لتسيير ملف الاستثمار و العقار الموجه للاستثمار من شأنها تقريب المستثمر من الإدارة العمومية ، و سرعان ما تداركت الأمر و عدلته من جديد بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2011 بإلغاء الامتياز بالمزاد العلني و الاكتفاء فقط بالامتياز بالتراضي لإعطاء المزيد من التسهيلات الإدارية من قبل الدولة ، مع تحسين المناطق الصناعية و وضعها تحت تصرف المستثمرين ، و جعلها من الجيل الثالث وفق المقاييس الدولية . 

      بالرغم من أن الدولة تبنت اقتصاد السوق بمقتضى دستور 23 فبراير 1989 ، الذي كرس حرية التجارة والصناعة  و تشجيع امتلاك الأفراد و الشركات لموارد الإنتاج  أو الخدمات و تحرير السوق ، حيث أن الدولة لم تعد العون الاقتصادي أو ما يصطلح عليه الدولة المتدخلة و أصبحت دولة حارسة . إلا أن المستثمر يستعين بالأملاك العقارية للدولة كمورد هام للمؤسسة ، و يوفق بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة .

   و مرد ذلك نقص العقار الاقتصادي ، و إذا وجد يكون بأسعار جد مرتفعة ، أو عدم وجود المساحة الكافية لانجاز المشروع الاستثماري ، و الحقيقة أن هذا المشكل كان قائم منذ عقود ، لان العقار الاقتصادي كان مستغل من قبل المؤسسات العمومية الاقتصادية ، و بعدما نصت القوانين في مطلع التسعينيات من القرن الماضي على منح الأرضية لانجاز المشروع الاستثماري بالدينار الرمزي ، بموجب قانون الاستثمار لسنة 1993 و قانون منح الامتياز لسنة 2007 ، الشيء الذي أدى بخلق مزاحمة حول طلب الاستفادة من ذلك من أشخاص لا علاقة لهم بانجاز المشروع الاستثماري ، وإنما كان غرضهم فقط الكسب السريع من خلال اكتساب العقار . و بقي الأمر على ذلك حتى سنة 2009 حيث ألغى المشرع الجزائري التنازل و أبقى على الامتياز .

     هذه الإشكالية تدفعنا إلى طرح التساؤلات التالية :

    هل يمكن للدولة أن تجذب المستثمرين الحقيقيين من خلال منح الامتياز ؟ و هل أن منح الامتياز من طرف الدولة يقضي على عدم وجود العقار الموجه للمشاريع الاستثمارية حسب مبررات المستثمرين ؟

    أما المنهج المعتمد فهو الوصفي و التحليلي نتعرض للمفاهيم القانونية و الإدارية وفقا للنصوص القانونية      و بالخصوص الدراسة في التشريع الجزائري و ليس في القانون المقارن

 

الفصل الثاني

منح الامتياز على العقار الصناعي في ظل التنمية المستدامة

 

المبحث الأول

وظيفة الدولة في منح الامتياز للمشاريع الاستثمارية

   نتناول في هذا المبحث جهود الدولة في منح الامتياز للمشاريع الاستثمارية في قطاعي الإنتاج و الخدمات  حيث تقوم الدولة بمنح الامتياز للمشاريع بالتراضي ممثلة في الوالي .

    تتمتع الدولة بالشخصية الاعتبارية عملا بالفقرة الأولى من المادة 49 من القانون المدني الجزائري[2]       رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية القاضي الأول في البلاد ، يعين الوزير الأول و الوزراء و الولاة ، ويشرع بأوامر .

     لم يعرف القانون المدني الجزائري الدولة بل منح لها الشخصية الاعتبارية أو ما يصطلح عليها بالشخصية المعنوية ، أما القانون الإداري فيعتبر الدولة جميع الهيئات الإدارية المركزية و هي رئاسة الجمهورية و الوزارة الأولى و الوزارات و المديريات العامة المركزية و كل ماهو مركزي و لو كانت خارج العاصمة ، أما القانون الدستوري فيعرف الدولة على أساس أركانها و هي الشعب و السلطة ذات سيادة و إلاقليم ، و هناك من الفقهاء من يضيف الاعتراف ، و قد نص الدستور الجزائري في المادة 11 على انه ” تستمد الدولة مشروعيتها وسبب وجودها من إرادة الشعب . شعارها ” بالشعب وللشعب “. و هي في خدمته وحده .”[3]

     نتناول هذا المبحث في المطلبين الآتيين :

 

المطلب الأول

الأساس القانوني لمنح الامتياز

    يتمثل الأساس القانوني في منح الامتياز بموجب المادة الأولى من الأمر رقم 01_03 على أنه ” يحدد هذا الأمر النظام الذي على الاستثمارات الوطنية و الأجنبية في النشاطات الاقتصادية المنتجة للسلع و الخدمات     و كذا الاستثمارات التي تنجز في إطار منح الامتياز و/ أو الرخصة .”[4]، يتضح من خلال نص المادة أن المشرع الجزائري فتح الباب على مصراعيه لكل أشكال المستثمرين بما فيه الأجنبي ، و كل صور الاستثمار كما ترد قيود على السلطات العمومية في منح الامتياز على أصناف من الأراضي ، عملا بنص المادة 02 من الأمر رقم 08_04 على أنه: ” تستثنى من مجال تطبيق أحكام هذا الأمر أصناف الأراضي الآتية :

_ الأراضي الفلاحية .

_ القطع الأرضية المتواجدة داخل المساحات المنجمية .

_ القطع الأرضية المتواجدة داخل مساحات البحث عن المحروقات واستغلالها ومساحات حماية المنشآت الكهربائية و الغازية .

_ القطع الأرضية الموجهة للترقية العقارية المستفيدة من إعانة الدولة .

_ القطع الأرضية المتواجدة داخل مساحات المواقع الأثرية و الثقافية .”[5]

     نصت المادة 15 من القانون رقم 11_11 التي عدلت الفقرة الأولى من المادة 03 من الأمر رقم 04_08 على أنه : ” … يمنح الامتياز على أساس دفتر شروط عن طريق التراضي على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة المتوفرة لفائدة المؤسسات والهيئات العمومية و الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون الخاص ، و ذلك لاحتياجات مشاريع استثمارية و مع مراعاة احترام قواعد التعمير المعمول بها .”[6]    يتضح من نص المادة أن منح الامتياز يكون عن طريق التراضي ، و هو النمط الوحيد ، الموجه لفائدة المستثمرين بجميع أشكالهم ، مع احترام الانتفاع فقط في العقارات الصالحة لانجاز المشاريع الاستثمارية ، التي تملكها الدولة .

     بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن للدولة منح أصول فائضة أو أصول متبقية غير مستغلة ، حيث عرفت المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 09_153 الأصول المتبقية على أنها ” تعتبر كأصول متبقية كل الأملاك العقارية التابعة للمؤسسات العمومية المستقلة و غير المستقلة المحلة المتوفرة .”[7]

    كما عرفت المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 09_153 الأصول الفائضة على أنها: ” يقصد بالأصول الفائضة تلك الأملاك العقارية غير اللازمة موضوعيا لنشاط المؤسسة العمومية الاقتصادية ، و تتمثل لاسيما فيما يأتي :

_ الأملاك العقارية غير المستغلة أو التي لم يتم تخصيصها لوجهة ما عند تاريخ نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية .

_ الأملاك العقارية التي لا يتطابق استعمالها مع الغرض الاجتماعي للمؤسسة .

_ الأملاك العقارية المستقلة أو القابلة للفصل من مجمعات عقارية أوسع ، ملك للمؤسسات العمومية أو ملك للدولة و غير اللازمة لنشاطاتها .

_ الأملاك العقارية التي تغير طابعها القانوني بحكم قواعد التعمير والتي أصبحت لا تدخل في إطار النشاط الرئيسي للمؤسسة العمومية .

_ الأملاك العقارية المعروضة في السوق بمبادرة من المؤسسة العمومية .”[8]

     و تتم عملية الانتفاع بها من قبل المستثمرين بعد استرجاعها من قبل الدولة ممثلة في المدير الولائي لأملاك الدولة الكائن في محيط ولايته الأملاك المسترجعة ، و هذا ما نصت عليها المادة 12 من المرسوم السالف الذكر على أنه ” تجسد عملية الاسترجاع من قبل الدولة بما يأتي :

_ محضر تسليم يتم إعداده بين الممثل المؤهل للمؤسسة و مدير أملاك الدولة المختص إقليميا بالنسبة للأملاك العقارية التابعة للدولة و المحازة على سبيل الانتفاع من طرف المؤسسة العمومية الاقتصادية أو الهيئة المتعهدة بالترقية للمنطقة الصناعية .

_ إعداد عقد تحويل الملكية لفائدة الدولة ومحضر التسليم بالنسبة للأملاك العقارية التي تعود ملكيتها الكاملة للمؤسسات العمومية الاقتصادية أو للهيئة المتعهدة بالترقية للمنطقة الصناعية .

    تقوم مصالح أملاك الدولة بتسجيل الأملاك العقارية المسترجعة في سجل الأملاك الخاصة للدولة غير المخصصة “[9]

المطلب الثاني

تعريف منح الامتياز

   منح الامتياز عبارة عن عقد الامتياز مرفق بدفتر الشروط ، حيث عرف الأستاذ الدكتور سليمان محمد الطماوي هذا العقد بـأنه : “عقد إداري يتولى الملتزم – فرد كان أو شركة – بمقتضاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين مع خضوعه للقواعد الأساسية الضابطة بسير المرافق العامة فضلا عن الشروط التي تضمنها الإدارة لعقد الامتياز .”[10] الملاحظ أن عقد الامتياز يتعايش مع نظام اقتصاد السوق في كنف احترام المستثمر للقوانين المعمول بها ، و دفتر الشروط .

   كما يصدر منح الامتياز في شكل قرار صادر من الوالي ، حيث يسمح هذا القرار لإدارة أملاك الدولة من أجل تحرير عقد الامتياز، حيث نصت المادة 10 من الأمر رقم 08 _ 04 على أنه : ” يكرس الامتياز المذكور في المادة 04 أعلاه بعقد إداري تعده إدارة أملاك الدولة مرفقا بدفتر أعباء يحدد بدقة برنامج الاستثمار وكذا بنود وشروط منح الامتياز .” نستنتج من خلال عمل إدارة أملاك الدولة أنها تلعب عدة أدوار :                    دور المتعاقد ، دور الخبير ، دور موثق الدولة ، دور المالكة للأملاك العقارية و المنقولة ، دور المتابع           و المراقب و دور موقع الجزاء .

     من خلال نص المادتين نستنتج أن الدولة ممثلة في وزير المالية الذي  فوض المدير الولائي لأملاك الدولة بإعداد عقد الامتياز ، و بذلك نقول أن المدير الولائي لأملاك الدولة يتعاقد باسم الدولة و لحسابها و بإشرافها .

المبحث الثاني

تحديد دور الدولة في منح الامتياز

       بالرجوع إلى أحكام القانون فقد نصت المادة 05 من القانون رقم 11_11 على أنه :” يرخص الامتياز بالتراضي بقرار من الوالي :

_ بناء على اقتراح من لجنة المساعدة على تحديد الموقع و ترقية الاستثمارات و ضبط العقار على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة و الأصول العقارية المتبقية للمؤسسات العمومية المنحلة و الأصول العقارية المتبقية للمؤسسات العمومية الاقتصادية و كذا الأراضي التابعة للمناطق الصناعية و مناطق النشاطات .

–       بناء على اقتراح من الهيئة المكلفة بتسيير المدينة الجديدة على الأراضي الواقعة داخل محيط المدينة الجديدة

–       بناء على موافقة الوكالة الوطنية لتطوير السياحي على الأراضي التابعة لمنطقة التوسع السياحي .

  و بعد موافقة وزير القطاع المختص “[11]، نستنتج من خلال نص المادة أن المشرع الجزائري منح اختصاص منح الامتياز للوالي المختص إقليميا ، من خلال اقتراح لجنة المساعدة على تحديد الموقع و ترقية الاستثمارات و ضبط العقار ، أو اقتراح من الهيئة المكلفة بتسيير المدينة الجديدة ، و من خلال موافقة الوكالة الوطنية للتنمية السياحية .

     إذا تبين للمستثمر أن قيمة الإتاوة مرتفعة ، فإنه يمكن له أن يطلب تخفيض إضافي بقرار من مجلس الوزراء ، و هذا ما نصت المادة 15 من القانون 11-11 التي عدلت المادة 08 من الأمر رقم 08-04 على أنه : ” يمكن أن تستفيد المشاريع الاستثمارية  بناء على اقتراح من المجلس الوطني للاستثمار و بعد قرار مجلس الوزراء ، من تخفيض إضافي على مبلغ الإتاوة الايجارية السنوية المحددة في المادة 09 أدناه .”[12]

    يعد المجلس الوطني للاستثمار هيئة عمومية تسهر على تطوير الاستثمار ، حيث نصت المادة 19 من الأمر رقم 01_03 على أنه : ” يكلف المجلس على الخصوص بما يأتي :

_ يقترح إستراتيجية تطوير الاستثمار و أولوياتها .

_ يقترح تدابير حفزية للاستثمار مسايرة للتطورات الملحوظة .

_ يفصل في الاتفاقيات المادة 12 أعلاه .

_ يفصل في المزايا التي تمنح في إطار الاستثمارات المذكورة في المادة 03 أعلاه .

_ يفصل على ضوء أهداف تهيئة الإقليم ، فيما يخص المناطق التي يمكن تستفيد من النظام الاستثنائي المنصوص عليه في هذا الأمر.

_ يقترح على الحكومة كل القرارات والتدابير الضرورية لتنفيذ ترتيب دعم الاستثمار وتشجيعه .

_ يحث ويشجع على استحداث مؤسسات وأدوات مالية ملائمة لتمويل الاستثمار ، وتطويرها .

_ يعالج كل مسالة أخرى تتصل بتنفيذ هذا الأمر .” [13]

     نتناول هذا المبحث في المطالب الآتية :

المطلب الثاني

تحديد دور الدولة في منح الامتياز بالتراضي للاستثمار الصناعي

    تنص الفقرة الثانية من المادة 09 من المرسوم التنفيذي رقم 09_ 152 على أنه : ” عــــــندما يتعلق الأمر بقطعة أرض تابعة للدولة تم إسناد تسييرها إلى هيئة عمومية مكلفة بالضبط و الوساطة العقارية ، يرخص منح الامتياز … باقتــــــــراح من هـــذه الهيئة بناء على قرار من الوزير المكلف بترقية الاستثمارات .”[14] هذه الهيئة تسمى بالوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقارية حيث عرفتها المادة الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 07 _119 بالوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري على أنه : ” تنشأ مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري تحت تسمية ” الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري ” و تدعى في صلب النـص ” الوكالة ”  تتمتع بالشخصية المعنوية  و الاستقلال المالي .

    تخضع الوكالة للقواعد المطبقة على الإدارة في علاقاتها مع الدولة و تعد تاجرة في علاقاتها مع الغير .”[15]

   نظرا للعبء الكبير الموكل على عاتق إدارة أملاك الدولة التي تقوم بالأدوار المشار إليها سابقا ، فقد أوكلت الدولة للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري تسيير أملاك العقار الصناعي التابع للأملاك الوطنية  بصفتها عضو في اللجنة الولائية ، و لها أن تقترح المشاريع الصناعي المقدمة لها من قبل المستثمرين ، و هذا ما قضت به المادة 13 من المرسوم التنفيذي رقم 09 _153 على أنه :” يسند تسيير الحافظة العقارية المتكونة من الأصول المتبقية و الأصول الفائضة المسترجعة تدريجيا و الأراضي المتواجدة في المناطق الصناعية إلى الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري و ذلك لحساب الدولة .

      يتم هذا التسيير من طرف الهيئة المحلية للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري و على مستوى الولاية المعنية على أساس اتفاقية تبرم بين مديرية أملاك الدولة المختصة إقليميا و الهيئة المحلية المسيرة المعنية التي تعمل لحساب الوكالة الوطنية السالفة الذكر.”[16]

   تسترجع الدولة أملاكها بدون مقابل ، لان الأصل أن هذه الأملاك تعود ملكيتها لها ، حيث نصت المادة 11 من المرسوم السالف الذكر على أنه ” يتم إدماج الأملاك العقارية الفائضة و الأراضي المتواجدة في المناطق الصناعية ضمن الأملاك الخاصة للدولة مجانا “[17] و استجابة لذلك أنشأت الدولة هيئة عمومية مختصة في توفير العقار للاستثمار الصناعي تسمى الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري من شأنها تقريب المستثمر من الإدارة العمومية ، و أداة ربط بين الدولة ممثلة في الوالي المختص إقليميا و المستثمرين الصناعيين .

  الإشكالية : كيف يمكن للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري أن تلعب دور في حل مشكل انعدام العقار الصناعي الموجه للمشاريع الاستثمارية ؟

      نتناول هذا في المبحثين الآتيين :

المبحث الأول : مفهوم الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

     نتناول هذا المبحث في المطلبين :

المطلب الأول : تعريف الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

     يتضح من نص المادة أن الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري هي ليست مؤسسة عمومية ذات طابع إداري كما يعتقدها البعض ، بالرغم أنها تمثل الدولة و تسعى إلى خدمة الصالح العام أكثر من خدمة الوكالة لمصلحتها أو لموظفيها ، لأنه يفترض في الوكالة أنها تعمل لحساب وباسم وبإشراف الدولة  و كلمة الشخصية المعنوية معناها الشخصية الاعتبارية ، شانها في ذلك شأن الأشخاص الاعتبارية الأخرى التي لم يعرفها المشرع الجزائري على خلاف  الفقه ، حيث عددت المادة 49 من القانون المدني الجزائري بعنوان الأشخاص الاعتبارية على أنه : ” الأشخاص الاعتبارية هي :

_ الدولة ، الولاية ، البلدية .

_ المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري .

_ الشركات المدنية والتجارية .

_ الجمعيات و المؤسسات .

_ الوقف .

_ كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية .” [ 02 ]

     أما الاستقلال المالي فيقصد به تمتعه بالذمة المالية ، حيث أن الفقه يعتبر أن الشخصية المعنوية للمؤسسة لا يمكن أن تكون دون اكتسابه الذمة المالية ، و نعرفها على أنها مجموع المداخيل والنفقات إلى ترد على الشخص في مباشرة تصرفاته ، أما الذمة المالية فتتكون من مجموع الإيرادات التي تكون في شكل أرباح أو الميزانية القطاعية المقدمة من الدولة في كل سنة بموجب قانون المالية .

    تنتمي الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري إلى قطاع الوزارة المكلفة بترقية الاستثمار ، تسمى حاليا وزارة الصناعة و ترقية الاستثمار و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 07- 119 على أنه :” توضع الوكالة تحت وصاية الوزير المكلف بترقية الاستثمارات و يحدد مقرها في مدينة الجزائر . ” [ 01 ]( ص03 )

     كما تنص الفقرة الثانية من المادة 02 من المرسوم المذكور أعلاه على أنه :” يمكن إنشاء هياكل محلية للوكالة في أي مكان من التراب الوطني ” [ 01 ] ( ص 03 ) ، حيث أن للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري مديرية عامة و مقرها الوطني بالجزائر العاصمة ، و لها مديريات جهوية ، و لكل واحدة منهم ولايات تتبعها و هي  كالآتي : [ 03 ]

–       الجزائر العاصمة : مديرية جهوية تتبعها الولايات : الجزائر العاصمة ، تيبازة ، بومرداس ، تزي وزو.

–       سطيف : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : سطيف ، برج بوعربربج ، المسيلة ، بجاية ، باتنة ، بسكرة

–       عنابة : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : عنابة ، الطارف ، قالمة ، سكيكدة ، سوق أهراس ، تبسة .

–       غرداية : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : غرداية ، ورقلة ، الوادي ، تمنراست ، إليزي .

–       البليدة :  مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : البليدة ، عين الدفلة ، الشلف ، المدية ، البويرة .

–       تيارت : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : تيارت ، تسيمسلت ، الأغواط ، الجلفة ، البيض .

–       وهران : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : وهران ، عين تيموشنت ، مستغانم ، معسكر ، غليزان .

–       أدرار : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : أدرار ، بشار ، تندوف .

–       تلمسان : مديرية جهوية تتبعها الولايات التالية : تلمسان ، سيدي بلعباس : سعيدة ، النعامة .

 للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري مجلس الإدارة يشكل أعضاءها على النحو الآتي : [ 04 ]

–       ممثل للوزير المكلف بترقية الاستثمارات رئيسا .

–       ممثل للوزير المكلف بالمالية .

–       ممثل للوزير المكلف بالجماعات المحلية .

–       ممثل الوزير المكلف بالعمران .

–       ممثل الوزير المكلف بالنقل .

–       ممثل الوزير المكلف بالطاقة .

–       ممثل الوزير المكلف بتهيئة الإقليم والبيئة والسياحة .

–       ممثل الوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .

–       ممثل الوكالة الوطنية لتهيئة الإقليم .

_  ممثل الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار.                   

المطلب الثاني : الطبيعة القانونية للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

      حدد المشرع الجزائري الطابع أو الصبغة التي تتميز به الوكالة كما سبق ذكره بأنها ذات طابع صناعي    و تجــــــاري  لكن هذا الخيــــــار كــــان نسبي حيث نصت الفقرة الثــــانية مــن المادة الأولى مـــن المرسوم التنفيــذي رقم 07 _ 119 على أنه ” تخضع الوكالة للقواعد المطبقة على الإدارة في علاقاتها مع الدولة . و تعد تاجرة في علاقاتها مع الغير “. [ 01 ] ( ص 03 ) ، من خلال نص الفقرة نستنتج فكرتين  وهما أن الوكالة لها صفة الإدارة العمومية ، ومن جهة أخرى صفة التاجر بمعنى  أنها ذات طبيعة مزدوجة .

      نتناولهما في الفرعين الآتيين :

الفرع الأول : خضوع الوكالة إلى أحكام القانون الإداري

    يقصد بخضوع الوكالة للقواعد المطبقة على الإدارة في علاقاتها مع الدولة خضوع الوكالة لأحكام القانون الإداري في علاقاتها مع السلطات الإدارية المركزية ، و هو مصطلح من مصطلحات القانون الإداري .

    لا يوجد نص خاص يعرف السلطات الإدارية المركزية ، إلا  انه يمكن ذكرها مايلي :

أولا: رئاسة الجمهورية : تقوم رئاسة الجمهورية على مجموعة من الهيئات تتمثل في الأجهزة والهــــــياكل الداخليــة   ( الأمانة العامة ، المديريات المختلفة ، … الخ )، ويبقى منصب رئيس الجمهورية أول وأعلى سلطة في النظام  الإداري المركزي ، وله سلطات تنظيمية وتشريعية مثلا : المراسيم ، الأوامر .

ثانيا : الوزارة الأولى : إلى جانب مصالح وهيئات الوزارة الأولى التي قد تخولها النصوص و الأنظمة اتخاذ تصرفات من قبيل القرارات الإدارية . 

ثالثا : الوزارات : الوزارة هي المظهر الرئيسي للسلطة الإدارية المركزية ، حيث تمارس كل الوزارة جزءا من سلطة الدولة في إطار توزيع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة ، لأنها لا تتمتع _ في حد ذاتها _ بالشخصية المعنوية المتميزة عن الشخصية القانونية للدولة ، فهي تتصرف باسمها ولحسابها .

    حيث تمثل الدولة في مجال الاستثمار الصناعي  وزارة الصناعة وترقية الاستثمار في الموافقة على قرارات الوالي منح الامتياز بالتراضي التي تستند إلى علاقاتها مع الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري بعد إعلانها لجمهور المستثمرين الصناعيين ، و ليست الجهة الوحيدة في مجال ترقية الاستثمار الصناعي ، و هي عضو في  لجنة على مستوى كل ولاية تسمى لجنة المساعدة على تحديد الموقع و ترقية الاستثمارات و ضبط العقار تسهر على تطوير الاستثمار الصناعي ، كما أن الوزارة المكلفة بالمدينة لها دور في ترقية الاستثمار الصناعي

       يتولى الوزير في مجال ترقية و حشد الاستثمار ، ما يأتي : [ 05 ] ( ص 09)

– يعد يقترح السياسة الوطنية للاستثمار و يسهر على تنفيذها .

– يسهر على الانسجام الشامل للإجراءات و المنظمات التحفيزية في مجال تطوير الاستثمار و يقترح التعديلات الضرورية .

– يقترح كل عمل أو إجراء يهدف إلى تطوير السوق المالية و وضع وسائل التمويل الملائمة للاستثمار

– يبادر بكل عمل لترقية القدرات و الوسائل الوطنية فيما يخص ترقية الاستثمار.

– يشارك في تحسين شروط الحصول على العقار الاقتصادي و تسييره .

– يسهر على وضع مؤسسات و هيئات الوساطة و الضبط للسوق العقارية و حسن تسييرها .

– يسهر على إنشاء مناطق ذات طابع تنموي صناعي مندمج .

– ينظم إنشاء و توطيد الفضاءات الجهوية للتنمية الصناعية المندمجة و يقترح إطار تنظيمها و تسييرها        و ترقيتها .

– ينفذ برنامج تطهير و إعادة تأهيل وترقية و تسيير المناطق الصناعية و مناطق النشاط .

     يقترح وزير الصناعة و ترقية الاستثمار في إطار السياسة العامة للحكومة ، و في حدود صلاحياته عناصر السياسة الوطنية في مجال الإستراتيجية الصناعية و سياساتها و تسيير مساهمات الدولة و فتح الرأسمال وخوصصة المؤسسات العمومية وترقية الاستثمارات ، لما يتابع ويراقب تنفيذها ، طبقا للقوانين والتنظيمات المعمول بها ..[06] (ص07 ) يمارس وزير الصناعة و ترقية الاستثمارات صلاحياته بالاتصال مع مؤسسات الدولة و أجهزتها و مع الوزارات المعنية و بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين، و بهذه الصفة يتولى لا سيما الصلاحيات الآتية :    06 ]

– يقترح سياسات ترقية وتطوير الصناعة وتنفيذها والسهر على تطبيقها وضمان متابعتها .

– يعد ويقترح سياسة تسيير مساهمات الدولة في القطاع العمومي التجاري و يسهر على تنفيذها .

– يعد إستراتيجية وبرنامج فتح الرأسمال و خوصصة المؤسسات العمومية و يسهر على تنفيذها .

– يشجع التنافسية الصناعية وذلك بالاتصال مع القطاعات والهيئات المعنية، بوضع نظام وطني للابتكار ووضع برنامج لتأهيل المؤسسات وبرنامج يهدف إلى ترقية اكتساب التكنولوجية ودعم كفاءة الموارد البشرية.

– يتخذ جميع التدابير التي من شأنها ترقية الاستثمار ورصده ويسهر على تطبيقه.

– ينظم الإطار الوطني لليقظة الاقتصادية والمواكبة التكنولوجية .

– يسير الصناديق والآليات المالية للدعم المخصصة لتطوير قطاع الصناعة والاستثمار .

– ينظم الانتشار القضائي للتنمية الصناعية .

        تنقسم الوزارة إلى مايلي :

1.       الإدارة المركزية للوزارة : بالإضافة إلى الأجهزة المرتبطة ارتباط مباشر بنشاط الوزير الذي يعتبر الرئيس الإداري الأعلى في وزارته ( الأمانة العامة ، الديوان ) فان الإدارة المركزية تتفرع إلى مديريات عامة  كالمديرية العامة للاستثمار التي تتفرع إلى مديريات فرعية التي تتفرع إلى مصالح .

2.      المصالح الخارجية للوزارة : مثل المديرية المركزية للوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري أو مديرياتها الجهوية

الفرع الثاني : خضوع الوكالة إلى أحكام القانون التجاري

    تعد الوكالة تاجرة في علاقاتها مع الغير ، ويعني الغير الأشخاص الآخرين ماعدا الدولة  كما سبق تطرقنا سابقا في الفرع الأول ، ويتمثل في التجار ، المستثمرين الصناعيين ، الولاية ، المديريات التنفيذية الولائية  البلدية ، أما الأساس القانوني لذلك فيتمثل في الفقرة الثالثة من المادة 03 من القــــانون التجـــاري الجــــزائري على أنـــــــه : ” _ وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها ” [07] وهي أعمال تجارية بحسب الشكل ، فالوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري تؤدي خدمة للجمهور لقاء أجر معين أو مقابل نسبة معينة من قيمة عقد الامتياز التي تتوسط بين الدولة والمستثمر ، عملا بنص المادة 14 من المرسوم التنفيذي رقم 09_ 153 على انه ” يمنح لفائدة الوكالة الوطنية المذكورة أعلاه أجرا يمثل كحد أقصى الإتاوتين السنويتين الأوليتين للامتياز    و ذلك مقابل تسيير هذه الحافظة العقارية لحساب الدولة .” [08 ] ( ص 19 )

    أما مبلغ الإتاوة الايجارية السنوية فقد نصت عليها المادة 20 من المرسوم التنفيذي رقم 09_153 على انه

” يمنح الامتياز على أصل متبق أو أصل فائض بما في ذلك الأراضي المتوفرة في المناطق الصناعية مقابل دفع إتاوة ايجارية سنوية تحدد كما يأتي :

_ عندما يمنح الامتياز عن طريق المزاد العلني المفتوح أو المحدود ، فإن مبلغ الإتاوة السنوية يمثل المبلغ الناتج عن عملية المزايدة .

_ عندما يمنح الامتياز بالتراضي ، يجب أن تمثل الإتاوة السنوية المحددة من طرف إدارة أملاك الدولة 1 / 20  ( 5 بالمائة ) من القيمة التجارية للأصل العقاري و الذي يمثل كذلك السعر الافتتاحي عندما يمنح الامتياز عن طريق المزاد العلني .

     يتم تحين قيمة الإتاوة الايجارية السنوية كما هي محددة في الفقرات السابقة كل إحدى عشر ( 11 ) سنة على أساس تقييم تعده مصالح أملاك الدولة بالرجوع إلى السوق العقاري .” [ 08 ] ( ص 19 )

      كما تنص المادة 15 من المرسوم التنفيذي 09 _ 152 على أنه: ” يمنح الامتياز على أرض تابعة للدولة مقابل دفع إتاوة إيجارية سنوية محددة كما يأتي : ….

المبحث الثاني : مهام الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري

       يكمن دور الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري أساسا في اقتراح العقار الصناعي باعتباره مورد أساسي للمؤسسة الصناعية و الموجه لفائدة أصحاب المشاريع الاستثمارية بجميع أشكـــالهم ( الوطني أو الأجنبي  الطبيعي أو المعنوي ، العام أو الخاص ) ، في إطار أحكام الأمر رقم 01 _ 03 ، المتعلق بتطوير الاستثمار حيث نصت المادة الأولى منه على أنه ” يحدد هذا الأمر النظام الذي يطبق على الاستثمارات الوطنية والأجنبية المنجزة في النشاطــــات الاقتصــادية للسلـــع والخدمات ، وكــــذا الاستثمـارات التي تنجـــز في إطـــار منـح الامتيـــــاز و / أو الرخصة .” [ 09 ] ( ص 01 ) ، نستنتج من خلال نص المادة أن المشرع الجزائري أقر باعتماد منح الامتياز في كل النشاطات الاستثمارية ، وفي بعض النشاطات يضاف لها الرخصة  تسمى بالنشاطات المقننة  حيث عرف المشرع الجزائري النشاطات المقننة بموجب المرسوم رقم 97 _ 40 على أنه : ” يعتبر نشاط أو مهنة مقننة  تخضع للقيد في السجل التجاري  وتستوجب بحكم ومحتواها وهدفها وكذا الوسائل المسخرة لها، توفر شروط خاصة للسماح بممارستها.

     يتعين أن تكون هذه الانشغالات و المصالح مرتبطة بالمجالات المتعلقة .

بالمجالات المتعلقة بـ :

– النظام العام.

– أمن الأشخاص والممتلكات .

– حماية الصحة العمومية .

– حماية الأخلاق والآداب العامة .

– حماية حقوق الخواص ومصالحهم المشروعة .

– حماية الثروات و الممتلكات العمومية المكونة للثروة الوطنية .

– احترام البيئة و المناطق والمواقع المحمية و الإطار المعيشي للسكان .

حماية الاقتصاد الوطني ” [ 10 ] ( ص 07 )  

       تنص المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه : ” يمكن الوكالة أن تتولى مهمة التسيير والترقية و الوساطة والضبط العقاري على كل مكونات حافظة العقار الاقتصادي العمومي المذكورة في المادتين 5 و 6 أدناه .” [ 01 ] ( ص 04

       نتناول مهام الوكالة في المطلبين الآتيين

المطلب الأول : مهمة الوساطة بين الدولة و المستثمرين 

      تتكفل الوكالة الوطنية للوساطة و الضبط العقاري بتوفير العقار الصناعي التابع لها عملا ….

 يتضح من نص المادة أن الوكالة تلعب دور الوسيط بين المستثمرين والدولة ممثلة في الوالي ، و تتمثل الوساطة أساسا في تقريب المستثمرين الصناعيين و السلطة المانحة للامتياز ، ولا تشمل الوساطة مع المستثمرين في مجالات أخرى غير الصناعة كالوساطة على الانتفاع بالأملاك الخاصة للدولة الموجودة في المناطق الصناعية عملا بنص الفقرة الثانية من المــــــــادة 07 من المرســوم التنفـــيذي رقـــــم 09-152 على أنه : ” يعاد إدماج الأراضي الموجودة بالمناطق الصناعية والمتوفرة عند تاريخ نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية ضمن الأملاك الخاصة للدولة وتخضع لأحكام هذا المرسوم ” [ 12 ]    ( ص05) ، حيث أن المشرع منح صلاحيات لهيئات أخرى تتكفل بالقطاعات الأخرى بمنح الامتياز و قد نصت المواد 08 و09 و10 و11 من المرسوم التنفيذي رقم 09 – 152 .

     كما نصت المادة 05 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه: ” يمكن للوكالة أن تتولى أيضا مهمة وساطة عقارية و على هذا الأساس فهي تسير وفقا لاتفاقية ولحساب المالكين للعقارات بكل أنواعها .”      [ 01] (ص04 ).

المطلب الثاني : مهمة الضبط العقاري

    تتمثل مهمة الضبط العقاري للوكالة الوطنية للوساطة الضبط العقاري فيما يلي :

_ تنص المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه ” تتولى الوكالة مهمة تسيير حافظتها العقارية وترقيتها بهدف تثمينها في إطار ترقية الاستثمار .” [ 01 ] ( ص 04 )

_ تنص المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه ” تتولى الوكالة مهمة الملاحظة فيما يخص العقار الاقتصادي العمومي وتقديم لهذا الغرض المعلومات للهيئة المقررة المختصة محليا حول العرض والطلب العقاري وتوجهات السوق العقارية و آفاقه .

_يتمثل نشاط الضبط بالنسبة للوكالة في المساهمة من أجل إبراز السوق العقارية الحرة الموجهة للاستثمار”       [ 01] ( ص 04 )

_ تنص المادة 07 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه ” تقوم الوكالة بنشر المعلومات حول الأصول العقارية والوفرة العقارية ذات الطابع الاقتصادي وتتولى ترقيتها لدى المستثمرين ، كما تضع ، لهذا الغرض ، بنك معطيات يجمع العرض الوطني حول الأصول العقارية و الأوعية العقارية ذات الطابع الاقتصادي مهما كانت طبيعتها القانونية .” [ 01 ] ( ص 04 )

_ تنص المادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه :” تعد الوكالة جدول أسعار العقار الاقتصادي الذي تقوم بتحيينه كل ستة ( 6 ) أشهر ، وتعد دراسات ومذكرات دورية حول توجهات السوق العقارية ، ويمكن أن تشكل الأسعار المتضمنة في جدول الأسعار مرجعا بالنسبة للأسعار الاقتصادية عند عمليات الامتياز أو التنازل .” [ 01 ] ( ص 04 )

_ تنص المادة 09 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه: ” طبقا للتشريع المسير للنشاط العقاري وتهيئة الإقليم ، للوكالة صفة المتعهد بالترقية العقارية ومهلة لاكتساب الأملاك العقارية بغرض التنازل عنها مجددا بعد تهيئتها وتجزئتها لاستعمالها في إطار ممارسة نشاطات إنتاج الخدمات و السلع .” [ 01 ]            ( ص 04 )

_ تنص المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 07 _ 119 على أنه : ” الوكالة مؤهلة للقيام بكل الأعمال التي من شأنها أن تحفز تطورها ، لا سيما :

_ القيام بكل العمليات المنقولة أو العقارية ، أو المالية ، أو التجارية المتصلة بنشاطها .

_ إبرام كل العقود و الاتفاقيات المتصلة بنشاطها .

_ تطوير المبادلات مع المؤسسات و المنظمات المماثلة و المرتبطة بمجال نشاطها .

      تتولى الوكالة مهمة الخدمة العمومية طبقا للتنظيم المعمول به كما هو مبين في دفتر الشروط العام الملحق بهذا المرسوم .” [ 01 ] ( ص 04 )

الفصل الثالث : دور الولاية في منح الامتياز على العقار الصناعي

      المقصود بالاتفاق هو إتحاد وجهة نظر أشخاص اتجاه أمــــــــــــر معين [18]، حيث أنه يتفق الأطراف على كل الجوانب المتعلقة بالعقد .

  و سوف نتناول هذا المبحث في المطالب الآتية :

المطلب الأول

تعريف عقد الامتياز

  تعددت تعاريف عقد الامتياز في الفقه و في القوانين ، نستعرض ما جاء فيها كالأتي :

الفرع الأول : تعريف الفقه لعقد الامتياز

   و عرفه الأستاذ ماجد راغب الحلو بأنه ” عقد امتياز المرافق العامة ، و فيه يقوم صاحب الامتياز فردا أو شركة على نفقته و مسؤوليته خلال مدة محددة بإدارة أحد المرافق العامة كتوزيع المياه أو الكهرباء مثلا ، مقابل رسوم يحصلها من المنتفعين من المرفق .”[19]

 الفرع الثاني : تعريف القانون لعقد الامتياز

   تنص المادة 04 من القانون رقم 10 _03 على أنه ” الامتياز هو العقد الذي تمنح بموجبه الدولة شخصا طبيعيا من جنسية جزائرية يدعى في صلب النص ” المستثمر صاحب الامتياز ” حق استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة و كذا الأملاك السطحية المتصلة بها ، بناء على دفتر شروط يحدد عن طريق التنظيم ، لمدة أقصاها ( 40 ) سنة قابلة للتجديد مقابل دفع إتاوة سنوية ، تضبط كيفيات تحديدها    و تحديدها و تحصيلها و تخصيصها بموجب قانون المالية .”[20]

     أما المرسوم التنفيذي رقم 09- 152 بموجب دفتر الشروط بأنه ” منح الامتياز هو الاتفاق الذي تحول من خلاله الدولة لمدة معينة الانتفاع من أرضية متوفرة تابعة لأملاكها الخاصة  لفائدة شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون الخاص  قصد انجاز مشروع  استثماري ” [21]

    عرف الأستاذ موريس هوريو عقد الامتياز بأنه هو عملية بمقتضاه يتحمل خاص المصاريف و المخاطر     و تحت مسؤوليته بشغل مرفق عام .[22] لهذا تتخلص الدولة من المصاريف غير النافعة لها .

      كما يعرف بأنه عقد امتياز المرافق العامة هو عقد بمقتضاه يسلم شخص معنوي عام لشخص آخر مسؤولية تسيير نشاط مرفق عام ، و كثيرا من الأحيان مقاول خاص  ، مقابل أجرة .[23] حيث فتحت الدولة للخواص المجال للاستثمار في الإنتاج و الخدمات ، و بذلك يساهم في دعم التنمية الاقتصادية .

      كما يتعايش هذا العقد مع متطلبات اقتصاد السوق و يتنافى مع الاشتراكية و يعاكس التأميم ، حيث أنه يوفق بين المصلحة الخاصة لصاحب الامتياز و المصلحة العامة التي تتطلع إليها السلطة المانحة للامتياز     ( الإدارة المتعاقدة أملاك الدولة ). ممثلة للدولة .

   عرفه الأستاذ الدكتور سليمان محمد الطماوي بـأنه “عقد إداري يتولى الملتزم – فرد كان أو شركة – بمقتضاه و على مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي و استغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين مع خضوعه للقواعد الأساسية الضابطة بسير المرافق العامة فضلا عن الشروط التي تضمنها الإدارة عقد الامتياز .”[24]

     يقصد بالأساسية الضابطة بسير المرافق العامة و هي المبادئ العامة المتعارف عليها في القانون العام  أمثلة عن ذلك :  مبدأ دوام سير المرفق العام ، مبدأ حسن النية في العقود ، مبدأ استمرارية المرفق العام .

     أما الشروط الذي يتضمنها العقد فهي شروط لائحية تخضع للقانون العام كتوقيع الجزاء ، تعديل العقد  المراقبة . أما الشروط العقدية فهي تخضع لإرادة الطرفين و يطبق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، شأنها ذي ذلك القواعد العامة في كثير من الأحكام لان القانون الإداري غير مقنن  .

       أما المرسوم التنفيذي رقم 09- 152 بموجب دفتر الشروط بأنه ” منح الامتياز هو الاتفاق الذي تحول من خلاله الدولة لمدة معينة الانتفاع من أرضية متوفرة تابعة لأملاكها الخاصة  لفائدة شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون الخاص  قصد انجاز مشروع  استثماري[25] جرى في ذلك المادة 54 من القانون المدني الجزائري حينما سمى العقد بالاتفاق . و هو اتحاد وجهات النظر في بنود العقد ، و لا يمكن أن يكون العقد دون إتفاق  و إلا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ، لان صاحب الامتياز يطلع على العقد مرفوق بدفتر الشروط  و يوقع عليه . أما القصد فهو السبب للتعاقد و إذا تملص المتعاقد بهذا الانجاز جاز للمانحة فسخ العقد .

    كما عرفته الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون 08 – 14 على انه ” يشكل منح الامتياز استعمال الأملاك الوطنية العمومية ، المنصوص عليه في هذا القانون والأحكـام التشريعية المعمول بـها ، العقد الذي تقوم بموجبه الجماعة العمومية صاحبة الملك العمومي الطبيعي أو تمويل أو بناء و / أو استغلال منشـاة أو التجهيز  محل منح الامتياز إلى السلطة صاحبة حق الامتياز ” [26] يتضح أن قانون الأملاك الوطنية قد وسع من دائرة الأشخاص الذين يقومون بمنح الامتياز و لا يقتصر فقط للدولة منح الامتياز، فيمكن للولاية أو البلدية أو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري منح الامتياز ، حين نصه على الجماعة العمومية .

المطلب الثاني

خصائص عقد الامتياز

    يرتب عقد الامتياز  لصاحب الامتياز الحصول على حق عيني تبعي و هو حق الانتفاع ، التي تكون هذه المدة طويلة ، و يعتبر عقد الامتياز من العقود الإدارية لان أحد أطرافه شخص معنوي عام ، كما يعد عقد شكلي لأن القانون ألزم الأطراف بكتابته و في حالة تخلف ركن الشكلية يبطل العقد بطلانا مطلقا .

    نتطرق لهذه الخصائص في الفروع الآتية

الفرع الأول : عقد الامتياز يرتب حق الانتفاع

     تنص المـادة 20 من القانون رقم 08 – 14 على أنه ” يستفيد مسير المرفـق العمومي أو صاحب الامتياز  مع مراعاة أحكام المادة 64 مكرر أعلاه والمادة 69 مكرر أدناه ، من حق استعمال الملك التابع للأملاك الوطنية المخصص لهذه المصلحة وفق غرض تخصيصه ولفائدة المصلحة العمومية ، ويحق له الانتفاع به دون سواه ، و الاستفادة من ناتجه ، و تحصيل الأتاوى من المستعملين .” [27] يتضح من نص المادة  أن عقد الامتياز يرتب حق الانتفاع  لصاحب الامتياز على الأملاك الوطنية التابعة للدولة أو جماعاتها المحلية من أجل انجاز مشروعه الاستثماري ، و الحصول على الفوائد التي يجنيها من خلال استغلال الاستثمار .

   و تعريف الانتفاع يلتقي مع معناه اللغوي ، في أن المراد به ما يتوصل به الإنسان إلى المنفعة ، فهو تصرف يبتغي من ورائه جني فائدة شيء ما ، و قد يكون ذلك الشيء مملوكا للمنتفع به .[28]

   منح المشرع الجزائري حق الانتفاع إلى المنتفع وهو المستثمر الذي يتعاقد مع الدولة ممثلة بالإدارة العمومية عملا بالمادة 844 من التقنين المدني الجزائري على أنه ” يكسب حق الانتفاع بالتعاقد و بالشفعة و بالتقادم أو بمقتضى القانون ” [29] 

    يتم الشروع في الانتفـاع من قبل صـاحب الامتياز فورا بمجـرد تسلمه عقد الامتياز عمـلا بنص المادة 20 من دفتر الشروط النموذجي المطبق على منح الامتياز بالتراضي على أنه : ” تجسد عملية حيازة القطعة الأرضية الممنوحة و بدء الانتفاع منها من المستفيد من منح الامتياز عن طريق محضر يعده المدير الولائي لأملاك الدولة .”[30]

    يعتبر حق الانتفاع حق عيني تبعي لصاحب الامتياز الذي ليس له الحق في التصرف في الملك بمعنى أنه لا يستطيع بيع الملك أو مبادلته أو تأجيره أو التبرع به لأن ليس له حق الملكية . بل فقط  حق الانتفاع بالوعاء العقاري أي الأرض، لأنها ملك خاص للدولة . أما إذا قام بالبناء على الأرض لانجاز مشروعه يمكن له تملك البناية دون تملكه للأرض بعقد موثق .عملا بنص المادة 18 من المرسوم المذكور أعلاه على انه ” عند إتمام البنايات المقررة في المشروع الاستثماري المعاينة قانونا بناء على شهادة المطابقة تكرس إجباريا ملكية البنايات المنجزة من طرف المستثمر على الأرض الممنوح امتيازها بمبادرة من هذا الأخير بعقد موثق .” [31] و من أجل الحصول على هذا العقد لابد على المستثمر أن يستحضر معه شهادة المطابقة ، رخصة البناء ، عقد الامتياز .

    إن المادة المذكورة أعلاه تكرس ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 675 من القانون المدني الجزائري على أنه ” و يجوز بمقتضى القانون أو الاتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها         أو ما تحتها .”[32] كما تكرس  المادة 18 من المرسوم  حيث نصت المادة 677 من القانون المدني الجزائري على أنـــــه : ” لا يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إلا في الأحوال و الشروط المنصوص عليها في القانون . غير أن للإدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة مقابل تعويض منصف و عادل . و إذا وقع خلاف في مبلغ التعويض وجب أن يحدد هذا المبلغ بحكم قضائي على أن تحديد مبلغ التعويض يجب أن لا يشكل بأي حال مانعا لحيازة الأملاك المنتزعة “[33]

الفرع الثاني : عقد شكلي    

    يعرف العقد الشكلي بأنه : هو العقد الذي يستوجب توفر ركن الشكلية كركن رابع إلى جانب الأركان الثلاثة  الرضا و المحل و السبب .

   كما يعرف العقد الشكلي بأنه : هو العقد الذي يقضي القانون بأن يكون في قالب شكلي [34] .             

   اعتبر القانون الجزائري عقد الامتياز عقد شكلي ، و هذا ما نصت المادة 19 من دفتر الشروط النموذجي لمنح الامتياز عن طريق التراضي على أنه : ” يتم إعداد العقد الإداري المتضمن منح الامتياز على القطعة الأرضية لفائدة المستفيد من طرف مدير أملاك الدولة لولاية ……. قرار تفويض وزير المالية بتاريخ …………….”[35]

    اعتبر المشرع أن عقد الامتياز هو عقد شكلي يحتاج إلى كتابته في وثيقة رسمية ممضاة من قبل الموظف العمومي المختص و المتعاقد الاخر  ، لأن هنالك حقوق و التزامات تترتب على عاتق طرفيه ، كما أن دفتر الشروط معد سلفا يتضمن بنود العقد و بالتالي بالنظر لأهمية هذا العقد فالكتابة شرط جوهري فيه لدرجة أنه لا يمكن تصور وجود عقد امتياز غير مكتوب لأنه يحتـاج إلى شكليات لإبرامه ، منها موافقة السلطة صاحبة الصلاحية في الإبرام .

الفرع الثالث : عقد إداري

   اعتبر المشرع الجزائري أن عقد الامتياز هو عقد شكلي على أساس الفقرة الثانية  من المادة 17 من المرسوم التنفيذي رقم 09 – 152 على انه ” يكرس الامتياز الممنوح … ، بعقد إداري تعده إدارة أملاك الدولة مرفقا بدفتر شروط معد ، طبقا للنماذج الملحقة بهذا المرسوم و يحدد بدقة برنامج الاستثمار و كذا بنود و شروط منح الامتياز .

الفرع الرابع : عقد زمني طويل المدة

   يتميز عقد الامتياز بأنها من العقود الزمنية طويلة المدة ، حيث نصت المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 09_152 على أنه ” يمنح الامتياز المذكور في المادة 07 أعلاه لمدة أدناه ثلاث و ثلاثون (33) سنة قابلة للتجديد مرتين و أقصاها تسع وتسعون (99) سنة .

المبحث الأول : اختصاص الوالي في منح الامتياز

   اعتبر المشرع الجزائري في المادة 15 من الدستور الجزائري أن الولاية جماعة إقليمية للدولة .[36]  و لها إقليم معلوم الحدود ، و تعمل الولاية تحت وصاية وزارة الداخلية و الجماعات المحلية ، بالإضافة إلى الأعمال الإدارية التي تصدر من مختلف الوزارات حيث نصت المادة 92 من القانون 90_09 على أنه : ” الوالي هو ممثل الدولة و مندوب الحكومة في مستوى الولاية و يتخذ قرارات الحكومة زيادة على التعليمات التي يتلقاها من كل وزير من الوزراء .”[37]

   الوالي  هو المسئول الأول في ولايته و له صلاحيات هامة في ولايته نذكر منها :

_ يمثل الوالي الولاية في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية حسب الأشكال والشروط المنصوص عليها في القوانين ، التنظيمات المعمول بها . ويؤدي الوالي كل أعمال إدارة الأملاك والحقوق التي تتكون منها ممتلكات الولاية باسم الولاية ، وتحت مراقبة المجلس الشعبي الولائي .[38]

_  يسهر الوالي على إقامة وحسن تسيير مصالح الولاية ومؤسساتها العمومية ويتولى تنشيط أعمالها ومراقبتها طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.[39]

_ الوالي هو ممثل الدولة ومندوب الحكومة في مستوى الولاية . و يتخذ قرارات الحكومة زيادة على التعليمات التي يتلقاها من كل وزير من الوزراء .[40]

    سنتناول هذا المبحث في المطلبين الآتيين :