مذهب هيجل + مذهب التضامن الاجتماعي المجموعة الثالثة د/ جلجال محفوظ رضا
مذهب هيجل:
يعتبر مذهب هيجل أحد أشهر المذاهب الشكلية وصاحب هذا المذهب هيجل فيلسوف ألماني له عدة مؤلفات ومنها مبادئ فلسفة القانون، يرى هيجل أن الدول الحقيقية الواقعية هي تجسيد لإرادة الإنسان فلا أساس ولا شرعية للقانون إلا إذا كان صادراً عن الدولة، وأن حرية وإرادة الأفراد تذوب في كيان الدولة من أجل تحقيق الصالح العام، وهذا يقتضي خضوع الأفراد المطلق للدولة، وسيادة الدولة يجب أن تكون واحدة لا تتجزأ، تتجسد في شخص واحد وهو الإمبراطور أو الحاكم وقرارته واجبة النفاذ، باعتبارها معبرة عن الإرادة العامة.
وبالنسبة للنزاعات الخارجية فيرى هيجل أن الحرب هو الطريق الوحيد لتسوية هذه النزاعات، لأن كل الدول متساوية في السيادة فلا تستطيع دولة أن تأمر دولة أخرى لذلك فالحرب هو الطريق الوحيد لتسوية النزاع، وتخضع الدولة المنهزمة لسيطرة الدولة المنتصرة وفقاً لمبدأ البقاء للأقوى.
ويرى هيجل أن الدولة هي أساس المجتمع المدني، ويعتبر أن الدولة هي الأولى والمجتمع في المرتبة الثانية، لأنه في حضن الدولة فقط تستطيع الأسرة أن تتحول إلى مجتمع مدني، وأن فكرة الدولة هي نفسها هي التي تتجزأ إلى هذين العنصرين، وعيله يجب تقديم الدولة على الأسرة ومن ثم على المجتمع.
وإن الغرض الأساسي من الدولة هو المحافظة على النظام والأمن، وهي تفعل ذلك بواسطة نظام من القوانين تسنده القوة، وسيادة الدولة تنحصر في مساحة جغرافية في داخلها السلطة الوحيدة والعليا، والمعنى الأساسي في فكرة الدولة هو السيادة وهذا الأخيرة معناها السلطة القادرة على سن القوانين وتطبيقها بالقوة وإن اقتضى الأمر.
وبناءً على ما سبق يمكن استنتاج الأسس التي يقوم عليها مذهب هيجل:
· القانون يستمد قوته وشرعيته من صدوره عن طريق الدولة فقط
· القانون هو تعبير عن إرادة الدولة داخل إقليمها في علاقاتها بأفراد المجتمع.
· تخضع الدولة في علاقاتها مع باقي الدول وأشخاص القانون الدولي إلى سيادتها فهي لا تخضع إلى أي سلطة خارجية.
نتائج مذهب هيجل:
· يعتبر التشريع المصدر الوحيد للقانون
· انكار الصفة القانونية للقانون الدولي العام
· يعتبر هيجل أن الحرب بين دولتين هل الحل في حالة النزاع.
· تعد أفكار مذهب هيجل مرجعية للنازية الألمانية
نقد مذهب هيجل:
· الاعتماد على مصدر وحيد والمتمثل في التشريع دون باقي مصادر القانون مثل العرف ومبادئ القانون الطبيعي.
· اكتفى هيجل بالمظهر الخارجي للقانون دون البحث عن جوهره وهل يحقق العدل أم لا.
· اندماج إرادة الحاكم مع القانون وهذا ما يؤدي إلى الحكم الاستبدادي
· الدعوة لفض النزاعات عن طريق القوة
مذهب التضامن الاجتماعي:
إن المذهب التضامن الاجتماعي يعتبر أحد المذاهب الموضوعية، صاحب هذا المذهب الفقيه الفرنسي "ليون دوغي" والذي يرى أن التضامن الاجتماعي موجود بين البشرية بصفة عامة، وإن التضامن الاجتماعي لم يظهر دفعة واحدة، وإنما كان عبر مراحل فكانت في نطاق الأسرة ثم في نطاق القبائل حيث كان الناس يجتمعون للدفاع عن كيانهم ثم ظهر في المدن، حيث اجتمعت الأسر ذات الأصول والتقاليد والأعراف المتحدة وبعد ذلك ظهر التضامن في الأمة.
وكان دوغي ضد المفاهيم القانونية التقليدية كالدولة والسيادة، ويرى أن التضامن الاجتماعي هو المنبع الشرعي الأول والوحيد للمنظومة القانونية للدولة.
ولقد انتقد دوغي الصبغة القانونية المشبوهة التي حاول المذهب الفردي إضفاءها على مفهوم الدولة واعتبرهم على أنهم مجموعة من الأشخاص الذين يستمتعون باحتكارهم وسائل القهر المادي في مجتمع معين.
ولقد قام دوغي بتأصيل القواعد القانونية وتثبيت مصدرها تحت فكرة التضامن الاجتماعي، والذي يؤكد استحالة وقوف الإرادة الذاتية للأفراد وراء نشأتها، إذ تخرج تلك القواعد من رحم الحياة الجماعية وتترعرع في كنفها، بيد أنها لن تتحول تحت أي شكل من أشكال إلى سلطة لصيقة بمجموعة معينة حاكمة كانت أو محكومة، بل تشكل كتلة من القواعد الموضوعية الواقعية.
يهدف الفقيه دوغي من خلال مذهبه إلى حماية الجماعة من تعسف السلطات الحاكمة، لذلك اعتمد مفهوم التضامن الاجتماعي في تشييد مذهبه الواقعي الاجتماعي، فالفرد أياً كان كائن اجتماعي بطبيعته لا يحيا إلا في نطاق الجماعة، إذ لا تستقيم حياته دون تضامن اجتماعي مع أبناء جنسه.
كما اختصر دوغي الوسائل التي يمكن بموجبها إتمام هذه التضامن بعاملين الأول التضامن بالتشابه ينطلق من الواقعة التاريخية بأن للأفراد حاجات ورغبات مشتركة لا يمكن تحقيقها إلا في الحياة المشتركة، الأمر الذي يدفعهم للتكتل والتعاون من أجل بلوغ الهدف العام، وأما العامل الثاني للتضامن هو بتقسيم العمل، بسبب تفاوت قدرات الأفراد واختلاف كفاءتهم مما يستتبع بالضرورة تبادل الخدمات بينهم.
ولقد أشار العلامة ابن خلدون إلى نظرية التضامن الاجتماعي الحديثة التي قام بتشييدها دوغي، فقد أشار صراحة على قدم الاجتماع البشري مع وجود نوع من التعاون الاجتماعي شارحاً طبيعته بنوعيه وهما التضامن بالتشابه والتضامن بتقسيم العمل.
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ جمال مرسي بدر بأن ابن خلدون وبينه وبين دوغي نحو ستة قرون، قد سبقه إلى نظرية التضامن الاجتماعي التي اعتبرت بالنسبة للفقه الفرنسي نصراً وفتحاً وعرضها عرضاً واضحاً بينما لا فرق بينه وبين الشكل الحديث للنظرية إلا في العبارات والمصطلحات.
أسس مذهب التضامن الاجتماعي:
وجود رابطة تضامن بين أفراد المجتمع باعتبار أن لهم حاجات، لا يستطيع فالإنسان بمفرده تحقيقها إلا بالحياة المشتركة مع غيره، وهذا التضامن هو على نوعين التضامن بالاشتراك أو التشابه، حيث يشترك الناس في حاجات واحدة.
والتضامن بتقسيم العمل، حيث تختلف حاجات الأفراد وتتفاوت قدراتهم على تحصيلها، فينجح كل منهم في تخصصه، وعندما يتبادل الناس الخدمات تتسع دائرة التضامن مع تقدم المدينة.
يعتقد دوغي أن حفظ التضامن الاجتماعي هو أساس التزام الناس بالقانون، ويتشكل الشعور بالتضامن إلى مستوى القاعدة القانونية عندما يتولد لدى الأفراد الشعور، بأن كل من يحاول أن يخل بالتضامن الاجتماعي فسوف يتعرض للجزاء من باقي أفراد الجماعة في المجتمع.
إن فكرة القانون تأتي من الضغط أو الضبط الاجتماعي وليس نتيجة تفكير فردي عقلاني، كما أن القانون هو تلقائي عفوي مستقل عن الإرادة.
إن الدولة ملزمة عند إصدار التشريع أن تتقيد بمقتضى التضامن الاجتماعي إلا إذا كان تشريعاً غير شرعي.
بعد الشعور بالتضامن والمتمثل في العدل، وإن هذا الأخير ليس مفروضاً على الجماعة من الأعلى ولا من السلطة السياسية، وإنما هو شعور بالعدل ينبع من الواقع الاجتماعي، وقائم بالفعل لدى الأفراد في المجتمع بما هو عدل وبما ليس بعدل.
نقد مذهب التضامن الاجتماعي:
· اعتبار التضامن أساساً للقاعدة القانونية بغض النظر عما إذا صالحاً أم طالحاً، ولا شك أن دوغي افترض التضامن في الخير والعدل وليس في الشر والظلم كأساس للقانون، وبالتالي فهو يصدر حكماً تقويمياً على التضامن بالقياس على مثل أعلى، فيستخلصه العقل مما يخرجه من دائرة الواقع المحسوس الذي يلزمه.
· اعتبر دوغي أن الشعور بالعدل هو شعور قائم بالفعل لدى أفراد المجتمع، ورفض فكرة العدل كمثل أعلى.
· إنكار عامل الإرادة في إنشاء القاعدة القانونية، والاعتماد فقط على الروج الاجتماعية كأساس للقانون.
- معلم: جلجال رضا محـفوظ