إنّ الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ذو نزعة إلى حب التملك و الاستكثار والسعي نحو تحقيق كل حاجياته والعيش الأفضل: من طعام، مسكن، شراب، ملبس، وهي كلها أمور يعجز عن تحقيقها بمعزل عن روابطه الاجتماعية، علاقاته مع غيره هذا من جهة، من جهة أخرى تتعارض مصالحه الخاصة وتتصادم مع مصالح أفراد الآخرين، وبالتالي حتى لا تعم الفوضى في المجتمع، وجب تنظيم سلوك هؤلاء الأفراد وتنظيمه عن طريق مجموعة من القواعد من بينها: قواعد القانون- قواعد الأخلاق – الدين – الأعراف ...... إلخ.

وقواعد القانون تتميز بخاصية الإلزام، أي أنّها تتضمن جزاءا ملموس محسوس يطبق على من يخالفها، وعليه من أعطى هذه الخاصية  - الإلزام –للقاعدة القانونية ؟ وهل التزام الأفراد يرجع إلى أنّ القانون هو تعبير عن إرادة الحاكم ( من له السلطة العليا )، أم أنّ القانون هو تعبير عن إرادة الجماعة حفاظا على أمنها و بقائها، أم أنّ القانون هو خليط بين هذا وذاك وهو وليد البيئة الاجتماعية، تتولى الإرادة الحاكمة بتشكيل قواعده وصياغتها.

إنّ الإجابة على هاته الأسئلة هو هدف دراستنا في هذا المحور ، إي التعرف على طبيعة القانون أو أصل القانون أو أساس القانون و تحليل جوهره وبيان ماهيته وكذا العناصر التي يتكون منها.

وهي تدخل كلها في نطاق دراسة " فلسفة القانون ".

تعريف فلسفة القانون:

      كان موضوع المعرفة، ودراسة تطور العلوم من اختصاص الفلاسفة قديما، بحيث كانوا يطرحون مشاكل فلسفية، ويستعملون من أجل حلها مصطلحات فلسفية أيضا هدفهم في ذلك الوصول إلى تفكير شامل لتطور جميع العلوم والذي كان يعبر عنه بمصطلح الإستمولوجيا.

      وعليه فلسفة العلوم أو إستمولوجيا العلوم، هي دراسة نقدية هدفها تكوين النظريات عن طريق التساؤل حول صحة العلوم كواقع قابل للملاحظة والوصف والتحليل وليس البحث حول المعطيات وصياغة الفرضيات للوصول إلى النتائج العلمية.

وعليه في مجال القانون نقول إستيمولوجيا القانون أو فلسفة القانون، وهي الدراسة التي تهتم بعرض مختلف التيارات والمذاهب الفلسفية الواردة في مجال أصل وغاية القانون[1].

     كما تعرف أيضا على أنها المادة العلمية التي تختص بدراسة الأبعاد الفلسفية للظاهرة القانونية وسط مفاهيمها وهي تركز في دراستها هذه على موضوعين أساسيين هما[2]:

أولا: أصل القانون: يقصد بأصل القانون ماهيته، أساسه، هل القانون ينشأ من ضمير الجماعة بطريقة طبيعية، تلقائية لا دخل لإرادة الإنسان فيه أم أنّ لإرادة الإنسان أثر فعال في إنشائه ؟.

ثانيا: غاية القانون : يقصد بغاية القانون، تلك الأهداف أو القيم التي يجب أن يتوخاها القانون ويسعى إلى تحقيقها.

جل الفلاسفة إتفقو على أنّ غاية القانون هي تحقيق العدل، ولكنّهم إختلفوا في تصور فكرة العدل، فمنهم من يرى انّ العدل الذي يسعى القانون على تحقيقه هو العدل التبادلي الذي يشترك الجميع في تحقيقه، ومنهم من يرى انّه العدل التوزيعي والناتج من التوزيع العادل للمنافع، وهناك من يرى أنّه العدل الإجتماعي ؟ بناءا على ما سبق سنتناول دراسة المذاهب الثلاثة التي تناولت دراسة فلسفة القانون وذلك من حيث تطرقها لأصل وغاية القانون.

ثم نتطرف في المحور الثاني للسياسة التشريعية و نخنم بعملية تفسير النصوص القانونية في المحور الثالث

[1]

[2]