لمعرفة مفهوم الاقتصاد السياسي لا بدّ من التعرف أولا على علم الاقتصاد وصولا إلى علم الاقتصاد السياسي وعليه:

1/ مفهوم علم الاقتصاد: ظهرت عدة تعاريف لعلم الاقتصاد تمحورت مجملها في أنه مرادف للتدبير،التوفير والتكيفّ مع الموارد المتاحة.وأهم التعريفات هي:

-       تعريف أدم سميث الذي عرفه بأنه:"دراسة في طبيعة ومسببات ثراء الأمم".

-       ليونل روبرز الذي عرفه كالتالي:"هو العلم الذي يعني بدراسة النشاط الإنساني في سعيه لإشباع حاجاته الكثيرة والمتزايدة بواسطة موارده النادرة والمحدودة".

2/مفهوم الاقتصاد السياسي:

وهو فرع من فروع علم الاقتصاد ومجاله الدراسات الاجتماعية،ويقصد به استخدام الأدوات التحليلية الاقتصادية في تفسير الظواهر السياسية.وهو أيضا الكيفية التي تتأثر بها قوى السوق بالقرارات السياسية وكذا تأثير القرارات الاقتصادية على مجريات السياسة،وبعبارة أوضح يقصد به توظيف السياسة الخارجية مع الدول في خدمة الاقتصاد الوطني وبالتالي استخدام كافة وسائل ونفوذ الدولة سياسيا وعسكريا في السلم والحرب لخدمة الاقتصاد الوطني.

وعموما فالاقتصاد السياسي هو ذلك النشاط الاقتصادي المرتبط بالفرد،المجتمع والدولة.

3/ تعريف علم الاقتصاد من خلال موضوعاته:

أ‌-    باعتباره علم الثروة: عرفه الاقتصاديون التقليديون بأنه علم الثروة،فموضوع علم الاقتصاد هو البحث عن الوسائل التي تمكن من جمع الثروة،فقد أبرز ألفرد مارشال بأن موضوع علم الاقتصاد هو الانسان،ولكن ليست كل تصرفات الإنسان مجالا لاهتمام الاقتصاد،ولكن يقتصر الأمر فقط على تلك التصرفات التي تتعلق بالثروة أي كيفية إنتاج ثروة وكيفية استعمالها (التبادل،التوزيع،انتاجها و استهلاكها).

ب‌-                      باعتباره علم المبادلة: يرى البعض الآخر أن الاقتصاد هو علم المبادلة التي يتنازل الفرد بمقتضاها عن ما معه للأخر مقابل ما يريد الحصول عليه .وبالتالي انتقال الأموال من شخص لآخر لقيام الظاهرة الاقتصادية.وتقتصر على الأثمان/القيمة.وبالتالي فعلم الاقتصاد هو العلم الذي يدرس القيمة/الثمن الذي تتبادل به الأشياء.

ت‌-                      باعتباره علم الاختيار والندرة : الاقتصاد هو دراسة سلوك الانسان في مجال العلاقة بين الأهداف المتعددة والوسائل المتنوعة ذات الاستعمالات المختلفة.فالاقتصاد علم يدرس كيفية تنظيم الموارد المحددة ذات الاستعمالات المختلفة والأهداف والحاجات المتعددة وأساس هذا التعريف هو ندرة الموارد التي تؤدي للاختيار.

ويتميز هذا التعريف بأنه يركز على الجوانب الأساسية للمشكلة الاقتصادية ولتحققه لا بد من توافر عدة شروط منها أن تكون الحاجات غير محدودة،بحيث لا يمكن إشباعها جميعا،وإن حدث وأشبعت حاجة معينة ظهرت حاجات أخرى جديدة وأن الحاجات تتفاوت من حيث الأهمية.وأن وسائل إشباع الحاجة محدودة ونادرة وأن تكون الوسائل المحدودة ذات استعمالات متعددة.

ث‌-                      باعتباره علم إدارة الموارد النادرة:

إن الغرض الأساسي لعلم الاقتصاد هو الكفاح ضد الندرة ، و من أبرز التعاريف في هذا المجال هو للاقتصادي روبنز L.Robinz حيث يبين بأن علم الاقتصاد هو "العلم الذي يدرس سلوك الانسان كعلاقة بين غايات و وسائل نادرة ذات استعمالات متعددة".

 و عليه فان علم الاقتصاد يقوم بدراسة نشاط الأفراد الناتج عن ندرة الوسائل لتحقيق الغايات التي يسعون اليها ،إضافة الى أن حاجات الانسان المتعددة التي تحدها ندرة الأشياء و عدم كفايتها لاشباع حاجاته و تحقيق غاياته.

كما يعد علم الاقتصاد علم إدارة الموارد بقصد تعظيم المنفعة منها لصالح الانسان. ويذهب كامبل ماكونل Campell Mc connell إلى أن علم الاقتصاد هو العلم الاجتماعي الذي يهتم بمشكلة إدارة الموارد النادرة أو المحدودة أو استعمالها على نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع لحاجات المجتمع غير المحدود،ولهذا عرفه ريمان بار:" بأنه علم إدارة الموارد النادرة في مجتمع إنساني".

وإدارة الموارد النادرة لا يقصد بها مجرد المبادلة الحرة وإنما تشمل أيضا استخدام وسائل الاكراه والجبر العام والخاص الذي تمارسه الدولة أو بعض الأفراد أو الجماعات ذات السلطة.كما تتضمن اللجوء إلى المنح أو التحويلات دون مقابل للمنتجات أو النقود مثل المعونات الاجتماعية بمختلف أشكالها التي تقدمها الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني.

ج‌-                       باعتباره العلم الذي يدرس ظواهر الإنتاج والتوزيع:

الإنتاج هو عملية تنسيق لكل العناصر الإنتاجية من أجل الحصول على مواد أو خدمات صالحة لتلبية حاجات معينة وعلم الاقتصاد هو العلم الذي يهتم بعناصر الإنتاج (الأرض،العمل،رأس المال).وهذا الإنتاج ينقسم إلى فئة تقوم بالإنتاج وفئة تقوم بتلبية الحاجات أي التوزيع على باقي الأفراد.