• المدارس الفكرية المعاصرة لعلم المصطلح :

    لم يكن ليظهر علم قائم بذاته مستقل عن غيره  إلا و نجد له مناهل، يأخذ بمذهب خاص بها، يتغير من الناحية التعريفية والتأسيسية والعقلية عن نظيره الآخر في نفس المجال، فعلم المصطلح بمجرد أن بانت إرهاصاته وجد له عدة مفكرين انتموا بمذهبهم إلى مدارس فكرية ، تذهب كل مدرسة عن أخرى بما يستدعيه تفكيرهم للمصطلح، لكن لا يخفى في خضم هذه النقائص أنه لا نجد نقطة متفق عليها، والتي تتجلى لنا من خلال عرض هذه المدارس الفكرية الثلاثة المختلفة و التي تتبنى اتجاهات متميزة.

1 – مدرسة فيينا:

    جاءت هذه المدرسة من “حاجة التقنيين والعلماء لتوحيد مصطلحات علومهم بهدف ضمان التواصل المهني، ونقل المعارف بين المتخصصين، وبالبنية لهذه المدرسة يشكل التوثيق ركنا أساسيا لأنه في النصوص التقنية توجد المصطلحات”

    تنطلق هذه المدرسة المصطلحية من مؤسسها المهندس النمساوي فوستر المعروضة في أطروحته التي قدمها إلى جامعة برلين عام 1931 م بعنوان (التقييم الدولي للغة التقنية).

   ويتبنى ” فوستر ” اتجاها فلسفيا حيث ينظر إلى المصطلحات بوصفها وسيلة اتصال لصيقة بطبيعة المفاهيم، و لهذا فإن” البحث المصطلحي يجب أن ينطلق من دراسة تلك المفاهيم والعلاقات القائمة بينها و خصائصها ووصفها وتعريفها، ثم صياغة المصطلحات التي تعبر عنها وتنميط المفاهيم والمصطلحات وتدويلها

2 – مدرسة براغ (حلقة براغ):

    تتبنى هذه المدرسة المصطلحية توجها لسانيا يقوم على الفكرة القائلة:” إن المصطلحات تشكل جزءا أو قطاعا خاصا من ألفاظ اللغة، ولهذا فإن البحث في الظاهرة المصطلحات لابد أن يستخدم وسائل لسانية بما فيها الوسائل المعجمية”

     نمت هذه المدرسة المصطلحية من مدرسة براغ اللسانية الوظيفية التي أرست نظريتها اللغوية على أعمال اللغوي السويسري ” فرديناند دي سوسير” الذي أكد على الجانب الوظيفي للغة، و تتبنى هذه المدرسة ( توجها لسانيا” يقوم على الفكرة القائلة :”إن المصطلحات تشكل جزءا أو قطاعا خاصا من ألفاظ اللغة”

3 – المدرسة الروسية :

    انتجت هذه المدرسة اتجاها موضوعيا يضع في مركز ثقل المفهوم و علاقاته بالمفاهيم المجاورة ، وكذلك للمطابقة بين المفهوم و المصطلح و تخصيص المصطلحات للمفاهيم وتأثرت هذه المدرسة بمدرسة فيينا من حيث ضرورة تنميط المصطلحات و تقييسها وتوحيدها، و تتبنى هذه المدرسة تطبقات للمصطلحات لموضوعاتها بدلا من ترتيبها ألفبائيا

     أسس هذه المدرسة المصطلحية اثنان من المهندسين الروس : عضو أكاديمية العلوم السوفيتية سابقا “شابلجين” و المصطلحي المرموق ” لوط  “.