المجاز:
ويقصد به "التوسع في المعنى اللغوي لكلمة مّا لتحميلها معنى جديدا"أي العَمْد إلى ألفاظ ذوات معانٍ قديمة، واستخدامها للدلالة على مفاهيمَ جديدةٍ؛ بحيث يكون للفظة مدلول جديد ينسخ المدلول المندثر، أو مدلول جديد ينضاف إلى المدلول القديم. وتصبح الكلمة، في هذه الحالة، من "المشترك اللفظي" الذي يعني وجود مفردة واحدة ذات معان عدة.
ويشرح عبد السلام المسدّي المجاز- باعتباره إحدى آليات الوضع المصطلحي- بقوله: "يتحرك الدالّ، فينزاح عن مدلوله، ليلابس مدلولا قائما أو مستحدَثا. وهكذا يصبح المجاز جسر العبور تمتطيه الدوال بين الحقول المفهومية... إذ يمد المجاز أمام ألفاظ اللغة جسورا وقتية، تتحول عليها من دلالة الوضع الأول إلى دلالة الوضع الطارئ. ولكن الذهاب والإياب قد يبلغان حدا من التواتر يستقر به اللفظ في الحقل الجديد، فيقطع عليه طريق الرجوع..."
وقد تم اعتماد هذه الآلية في وضع كثير من مصطلحات العلوم الشرعية الإسلامية. وهي تقوم على أساس العودة إلى تراثنا العلمي والمعرفي، والإفادة مما ينطوي عليه من اصطلاحات بعد فهرستها وتكشيفها. ف"تراثنا هو ذاتنا؛ إذِ المستقبل غيب، والحاضر علميا لا وجود له، فلم يبقَ إلا الماضي الذي هو مستودَع الذات وخزّان الممتلكَات، بما لها وما عليها من ملحوظات وملاحظات"
وللمجاز وجوه عديدة؛ منها "الاستعارة"، وهي استعمال اللفظ في غير معناه المألوف، لوجود تشابه بين المعنيين، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى المألوف/الأصلي. ومنها "التعلق الاشتقاقي" الذي هو إحْلال صيغة محل صيغة أخرى؛ كأنْ نطلق المصدر على اسم المفعول.
ومن أمثلة المصطلحات العربية الموضوعة بهذه الآلية نذكر الصيام، والقاطرة، والطيارة. فالمصطلح الأول يدل في أصل الوضع اللغوي على معنى الإمساك مطلقا، ثم وسّع مدلوله ليحمل معنى جديدا؛ وهو الإمساك عن شهوتيِ البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والمصطلح الثاني كان يطلق على الناقة التي تتقدم قطيع الإبل، وأصبح في الاستعمال الحديث يدل على الآلة التي تجر عربات القطار على السكة الحديدية. والمصطلح الثالث أطلق في الأصل اللغوي العربي على الفَرس شديدِ السرعة، وصار الآن ينصرف للدلالة على وسيلة الطيران المعروفة.
وبالرغم من تعدد وسائل وضع المصطلح، فإن المجاز ما انفكّ يشكل إحدى أهم هذه الوسائل التي تُعتمد في تسمية المفهومات الجديدة. يقول جميل الملائكة: "أما مجال توسيع معنى اللفظ العربي بالخروج من حقيقته إلى المجاز، فكان وما زال من أوسع الأبواب في إغناء اللغة العربية"
- Enseignant: hafida laami