النحت:

ويعرَّف بأنه "انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى بين المنحوت والمنحوت منه". ويجعله بعضُ الدارسين صنفا من أصناف الاشتقاق، ويسمّونه "الاشتقاق الكُبَّار"؛ وهو إما اسمي (ك"جلمود" المنحوت من فعليْ "جمد" و "جلد")، وإما وصفي (ك"ضبطر" من "ضبط" و "ضبر")، وإما فعلي (ك"حَوْقَل"؛ أي قال: لا حول ولا قوة إلا بالله)، وإما حرفي (ك"لن" المنتزعة من حرف النفي "لا" وحرف الاستقبال "أن")، وإما تخْفيفي (ك" بلعنبر" من "بني العنبر")...

وقد اختلفت وجهات نظر اللغويين العرب بشأن نجاعة آلية النحت هذه في تطوير اللغة العربية مصطلحياً. بحيث ذهبت طائفة منهم إلى أن العربية عرفت النحت منذ القدم، وأفادت منه في وضع كثير من ألفاظها الوظيفية، وألحت على أهمية استخدام هذه الآلية، لاسيما في نقل المصطلحات الأجنبية المشتمِلة على الصدور واللواحق. ورأى دارسون آخرون كُثْرٌ أن العربية لغة اشتقاقية وليست إلْصاقية، وأن إفادتها من النحت قليلة، ونادوا بعدم التوسع في استخدامه في وضع المصطلحات العربية الجديدة؛ لأنه "يتنافى مع الذوق العربي، ولأن المنحوت يطمس معنى المنحوت منه".

وعلى العموم، فإن الاعتماد على وسيلة النحت في توليد المصطلح العربي الجديد قليل، ولا يُلجأ إليها إلا عند الاقتضاء. ولعل من أبرز ميزات النحت الاقتصاد اللغوي، ذلك بأنه يعمِد إلى اختزال لفظين أو أكثر في تركيبٍ واحد.

هذه الآليات الخمسُ تعد الوسائل الرئيسةَ المعتمَدة في وضع المصطلحات الجديدة على الصعيد العربي. وقد بدأ هذا الوضع بجهود أفراد، قبل أن تظهر إلى الوجود هيآتٌ كان لها إسهام في خدمة العربية مصطلحياً؛ وفي مقدمتها مجمع اللغة العربية بدمشق (1919)، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة (1932)، والمجمع العلمي العراقي (1947)، ومجمع اللغة العربية الأردني (1976). ولكننا نلاحظ جليا أن صوغ المصطلح العربي "غير منوط بأية هيئة من الهيئات، بل هو عمل مشاع متروك لمبادرة الأساتذة الجامعيين ورجال العلم والثقافة والأدب والصحافة والترجمة. وهذا ما يسبب التباين، ويستدعي التنسيق والتوحيد"