المصطلحات في العلوم لا بد أن تكون دقيقة في الصياغة وواضحة في الدلالة؛ بمعنى أن يكون اللفظ الموضوع للمفهوم العلمي خاضعاً لقواعد اللغة ذاتها والمتعارف عليها، وأيضا متفقا عليه في الأوساط العلمية، وذلك من خلال وسائل الوضع اللغوي المعروفة عند علماء اللغة والترجمة. ونكاد نجد هذا الاتفاق مطَّردا إلى حدٍّ مقبول في العلوم الدقيقة والعلوم التجريبية. لقد اعتُمِدت المناهجُ الحديثة والآليات المستحدثة في سبيل استثمار اللغة ورصيدها المفرداتي والدلالي والنحوي والصرفي، وذلك بغيةَ وضع معاجم متخصصة وجامعة للمصطلحات، تستوعب مسميات الأعلام والأشياء، والمخترعات والاكتشافات ولذا عمدت مجامعنا اللغوية في الوطن العربي من خلال التنسيق، إلى الاتفاق على الوسائل الناجعة والطرائق السليمة لوضع المصطلحات العربية المناسبة للمصطلحات الأجنبية، وذلك من خلال الاستقراء والجمع، والتوليد، والاشتقاق، والمجاز، والتعريب، والنحت. لقد قال البيروني إن الترجمة خيانة، ونحن نقول بأنها فتنة ومشكلة عويصة؛ ولكنه مع ذلك فهي أمر لامناص منه، وأيضًا هو أمر طبيعي؛ وذلك باعتبار المشكلات الناتجة عن نقل ثقافة وحضارة لغةِ مصدر إلى لغةِ هدف، وما لهما من مصطلحات، واستعمالات خاصة بكل واحدة منهما، أضِف إلى ذلك أنه لا بُدَّ من إدراك المترجمين والمصطلحيين للمصطلح من حيث مفهومُه وطبيعتُه وكيفيةُ استعمالِه. وكل هذا لا بُدَّ أيضا أن يخضع لمعطيات علمية وقوانين جماعية مرتبطة أساسًا باللغة؛ تستوجبها التجربةُ والميدان التطبيقي23. من أجل ذلك لا بُدَّ من ضبط المفاهيم العلمية للمصطلحات بين اللغة الأصل واللغة الهدف أو المنقول إليها، وهذا لتفادي الاضطراب والفوضى في ترجمة المصطلحات وتوضيح مفاهيمها لدى طلبتنا في الجامعات، وسنضرب مثالا على هذا من خلال بعض المصطلحات اللسانية. إن التعدد المصطلحي في المعجم الواحد المقابل للمصطلح الواحد؛ حيث نجد عدة ترجمات لمصطلح واحد، هو يعود إلى غياب منهج واضح في التقييس المصطلحي، وإلى عدم وجود تعريف واضح ودقيق للمصطلح العربي المترجم. ولذا يجب أن يكون مصطلح واحد لمفهوم علمي واحد.
- معلم: hafida laami